+ A
A -
عبد الله رضوان
عبدالله رضوان
كاتب تركي
«إن روح رسول الله تنظر إليكم وتطوف بينكم».
الله أكبر! ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام..
كانت هذه كلمات السلطان سليمان الوضاءة العذبة إلى مائة ألف أو يزيدون حيث رجاله يستعدون لخوض معركة فاصلة حشدت لها أوروبا أكثر من مائتي ألف جندي على أرض «موهاكس».
نعم يا سادة، إنها الملحمة التي نسيها المسلمون ومازالت الذاكرة الأوربية تحفظها،..
فما قصة [موهاكس]؟ وما حكاية بطلها السلطان العثماني سليمان؟
تعالوا لنبدأ حكاية تلك الملحمة..
يأتي اليوم الموعود حين ترجل ذلك الفارس- السلطان سليم والد السلطان سليمان- عن صهوة جواده، وما كان ذلك لولا الموت الذي طرق بابه، نعم مات ذلك الرجل الذي فتح بلاد الشام ومصر، وجعل فرائص ملوك أوروبا ترتعد منه..
نعم مات ذلك الرجل الذي قطع أذرع الأخطبوط الصليبي...
نعم مات ذلك الرجل الذي أفشل حلم الصليبيين بنبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهدم الكعبة المشرفة.
ولتعلن أوروبا الأفراح، ولكم كانت سعادتهم غامرة حينما علموا أن من تولى عرش السلطنة ذلك الشاب الذي يسمى سليمان.. يتنادى ملوك أوروبا أن هلموا لنقض كل معاهدة وقعناها مع السلطان سليم.. يمزقون المعاهدات، ويشربون نخب نصرهم الموعود الذي يستتر في رحم وعباءة المستقبل، فما هذا الشاب الذي يبلغ من العمر (26) سنة إلا غر ساذج، ولا يلبث أن يرضخ إلى شروط أوروبا حينما يسمع طبول الحرب تقرع.. هذا ما كان يطمح ويخطط له ملوك أوروبا، وما علموا أن ذلك الشاب سليمان سيتحول إلى أسطورة من أساطير الشجاعة والحنكة الحربية والسياسية.. يبعث السلطان سليمان رسوله إلى الملك المجري [فيلايسلاف الثاني جاجيلو] مستفهماً ومستفسراً عن تلك الحركة المريبة التي تجرى في الكواليس الأوروبية، ويكون الجواب بقتل ذلك الرسول- خلافاً لكل الأعراف الدبلوماسية- وتعليق رأسه على أسوار بودابست، ويسري خبر مقتل رسول السلطان كالضوء.. ومن إسطنبول التي سجد على أعتابها ملوك الإفرنج والروم، يخرج السلطان الشاب في عامه الأول لتولي الخلافة، وقد توشح غضبه المتلظي وإيمانه بخالقه على رأسه مائة ألف، تتقدمهم القوة الضاربة والعامود الفقري للجيش العثماني [الإنكشارية]، يذهل ملوك أوروبا من ردة فعل السلطان سليمان، وعلى التوازي أخذت صكوك الغفران توزع على كل من استجاب لنداء البابا [كليمانت السابع] في محاربة السلطان سليمان، وتحت إشراف البابا يولد حلف عسكري يضم الدول الأوروبية مع مملكة المجر.
ولكن المفاجأة التي أهداهم إياها السلطان سليمان كانت أكبر من كل حساباتهم.. بلغراد الحصن المنيع تسقط في يد السلطان الشاب بعد هزيمة ساحقة حلت بالجيش الصليبي، وفي بلغراد يحتفل المسلمون بعيد الفطر، هنالك يقف السلطان الشاب ممتشقاً سيفه، وليعلن لرجاله على المنبر أن عيد الأضحى لن يكون إلا في بودابست عاصمة المجر، ولن تقبل التهاني إلا في تلك المباني.. تغلي الدماء في العروق، وتصل الحماسة أقحاف الرؤوس، وفي حرارة الصيف اللاهبة يواصل الجيش المسلم سيره شمالاً نحو المجر، كان السلطان سليمان يذكر رجاله أنهم يسيرون على خطى الصحابة الذين مشوا إلى تبوك تحت حرارة الشمس اللاهبة فما وهنوا ولا ضعفوا..
أكثر من ألف ميل قطعها السلطان سليمان مع رجاله حتى وصلوا إلى [موهاكس] سنة 1526 م.
(وللحديث بقية)
copy short url   نسخ
24/09/2020
2089