+ A
A -
أجمل ما في مخيم اليرموك، هذا الموزاييك الفلسطيني: لاجئون فلسطينيون من مختلف مناطق فلسطين، من الجليل والأغوار وسهل الحولة، وطبريا، إلى الساحل ومناطق المثلث، وصولاً لبعض مناطق القدس والضفة الغربية حتى قطاع غزة، وإن كانت الغلبة لأبناء الشمال من مواطني الجليل ومدنه وقراه. ففي كل حارة من حارات مخيم اليرموك تتعدد أسماء البلدات الفلسطينية، لترى أمامك صورة فلسطين بقراها، ومدنها، وأقضيتها، ساطعة ومضيئة، وقد تزينت شوارع اليرموك ومدارسه ومؤسساته وحتى بقالياته بالأسماء الفلسطينية.
الطفل الفلسطيني في مرحلة التعليم الأساسي (الابتدائي) يستطيع أن يتحدث معك عن بلدته في فلسطين وكأنه من جيل البلاد أو من الجيل الأول للنكبة. طفل لا يتعدى الستة أو السبعة أعوام يتحدث عن حيفا ويافا، وعن إجزم وكفرلام والطنطورة وأم الزينات وجسر الزرقا.. ويشرح لك: بلدتي في فلسطين قرية (الكابري) قضاء عكا، بلدتي في فلسطين (الشجرة) قضاء طبريا، بلدتي في فلسطين (قنير) قضاء حيفا، قريتي في فلسطين (القباعة) قضاء صفد، قريتي في فلسطين (الخالصة) قضاء صفد وفي سهل الحولة، بلدتي في فلسطين قرية (عولم) قضاء الناصرة، بلدتي في فلسطين (عين كارم) قضاء القدس، بلدتي في فلسطين (المجدل) قضاء غزة، بلدتي في فلسطين (مجدل يابا) قضاء الرملة، قريتي في فلسطين (بيت دجن) قضاء يافا، قريتي في فلسطين (طيرة المثلث) قضاء اللد.. وهكذا..
لقد أفرز موزاييك مخيم اليرموك، زخرفة جميلة جداً، فاليرموك بلهجة سكانه الفلسطينية (القُحة) يقع بين (القاف، والكاف، والتشاف، والئاف). فأجمل ما يميز اللهجة الفلسطينية هو أنها متشابهة في مفرداتها على اختلاف المناطق في فلسطين، ولكن الاختلاف هو في كيفية التعامل مع حرف الـ (ق).
فالبعض ينطقه كما هو ومنهم أهالي بلدات لوبية وصفورية وطيرة حيفا، فيقولون على سبيل المثال (قلبي)، وقرقع بابور البحر، وسمعنا قاراقيعو من قاع الواد، وقوصنا البحر، وهناك من ينطقه مُحوراً بـ (الكاف) كما هو حال أهالي الطنطورة وكفرلام والصرفند وإجزم وجبع الساحل وغيرها، فيقولون (كلبي)، بينما ينطقه آخرون بـ (التشاف) كما هو حال أهالي عين غزال وقرى شمال الضفة الغربية فيقولون (تشلبي)، فيما ينطقه أهالي عموم المدن تقريباً كحيفا وصفد ويافا بطريقة مغايرة فيقولون (ألبي) في لهجة مُدللة، دلالة سكان المدن، حيث اللهجة الطرية الناعمة التي تميز أهالي مدينة صفد على سبيل المثال، والتي تكشف عن الصفدي من أول جملة من كلامه. كما حال اللهجة المقدسية، ولهجة أهالي نابلس القريبة من لهجة أهالي دمشق وصفد، بينما تسيطر الشخرة الغزاوية عند أهالي مدينة غزة عند كل حالة تعجب.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
25/08/2020
3356