+ A
A -
أفضل العيش بهدوء بعيدا عن الخضات التي قد تدمرني فعلا، ألا تفضل الغالبية في العالم هذا الخيار؟! وهل يلام أحد ويشتم لأنه لا يريد أن يكون بطلا؟! أما أننا خرجنا بعد تأييدنا للثورة! فهل من الأخلاق أن كنا نخرج من سوريا ونحن مؤيدون للنظام وضد الثورة؟ وهل كنا سنخرج أصلا لولا الوقوف مع الثورة؟! أليس هذا ما عرض كثرا منا لخطر الاعتقال؟! ما معنى شتمنا في كل شاردة وواردة إذا من قبل مثقفين سوريين يدعون تأييدهم للثورة، ويعيشون في سوريا حتى اللحظة، لكنهم لم يتعرضوا لأية مساءلة أمنية، ويسافرون إلى الخارج ويعودون ويتنقلون في كل سوريا دون أن يتعرضوا لأي سؤال أو استجواب؟!
يتهمنا هؤلاء أيضا بأننا بعنا أنفسنا للخارج! وهذا اتهام وخطاب تعتمده الأنظمة الشمولية وأذرعها الأمنية، وذبابها الالكتروني الحالي تجاه خصومها، فمن هو هذا الخارج الذي بعنا أنفسنا له؟! ثم ماذا سيستفيد مني هذا الخارج الذي يملك أن يشتري الجميع كما يدعي مزايدو الداخل السوري المثقفون؟! ما الذي يمكن أن يقدمه أمثالي لجهاز مخابرات دولي مثلا؟! وأنا أعيش وحدي وبعيدة عن أجواء السياسة، ولا أمتلك سوى أفكار أعبر عنها كتابة لأن الكتابة هي مهنتي؟! الأدهى، وأنا شخصيا أيضا تعرضت كثيرا لهذا، هو الاتهام بالقبض بما أطلق اليسار العربي عليه اسم (البترودولار)! لأن معظمنا يكتب بمواقع وصحف ممولة من دول الخليج العربي! وكأن هذا عار وعيب، رغم أن قسما كبيرا من هؤلاء المزايدين تعتمد معيشته ومعيشة أبنائه على أموال الخليج العربي بشكل مباشر أو غير مباشر، هي فقط اعتياد المزايدة واعتماد خطاب مكرر يشيطن الخليج العربي بكل ما فيه، ظهر منذ بدء جمهوريات العسكر ذات الفكر القومي الأحادي في بلادنا، ودخل في لاوعينا الجمعي العربي وليس السوري فقط.
أكتب هنا عن نفسي بوصفي واحدة من سوريين كثر يتعرضون يوميا، حتى اللحظة، لاتهامات وشتائم كثيرة، لمجرد اختيارهم الابتعاد عن الخطر! والمفارقة أن من يشتموننا ويتهموننا، لا يوجهون انتقادا واحدا ولو صغيرا للنظام في سوريا أو لأجهزته الأمنية، لا يوجهون سؤالا عن مصير آلاف المعتقلين والمغيبين في المعتقلات منذ تسع سنوات؟ لا بأس، لن نزايد عليهم نحن في ذلك، ولا نرضى لهم التعرض لمساءلة أمنية أو اعتقال أو خطر ما، لكن فقط ليتهم يتابعون حياتهم دون تبجحات، فهي باتت مضحكة وممجوجة ولا تدل ولو للحظة على انتماء سوري أو وطني يتمايز عن الآخرين.
بقلم: رشا عمران
copy short url   نسخ
18/08/2020
1857