+ A
A -
عبد الله رضوان
عبد الله رضوان
كاتب تركي
...ويجتمع قضاة المحكمة الإدارية العليا ليثبت لهم بالدليل القاطع أن التوقيع كان مزورا...نعم هنالك من زوّر توقيع أتاتورك لتحل كارثة بحق أكبر صرح ديني في تركيا يعود في عمره إلى أكثر من (1500) سنة...في عام1934 يتم تحويل بيت «الحكمة الإلهية» أو «آيا صوفيا» من مسجد إلى متحف... أكثر من (86) سنة والصلاة مغيبة في هذه الأيقونة بعدما كانت منارة دينية تشع بأنوار التوحيد والصلاة ولأكثر من (481) سنة..واليوم ينهض السلطان الفاتح من قبره من جديد ليخوض معركة جديدة في أروقة المحكمة الإدارية العليا، وكعادته يعود متوجا بالنصر... يعود إلينا وفي يمناه قرار المحكمة بعودة آية صوفيا مسجدا وببطلان القرار الذي صدر عام 1934....وليستعيد هويته من جديد.
ويقف حفيد الفاتح السيد رجب طيب أردوغان ليوقع على هذا القرار في يوم الجمعة وليبث خطابا إلى الشعب التركي والسؤال هل كان اختيار أردوغان ليوم الجمعة المقدس عند المسلمين لمخاطبة شعبه عبثيا أم مدروسا ؟ وهل كان توقيت خطابه في الساعة 14:53ارتجاليا أم مشابها لذكرى فتح القسطنطينية عام1453... أعتقد أنها كانت رسائل للداخل والخارج...رسائل لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ذاك أن شخصية أردوغان الكاريزمية تعرف كيف تستشرف آفاق المستقبل وكيف تلتقط اللحظة المناسبة لفعل الحدث... نعم فقد سمعت روح أردوغان صدى تلك القلوب العطشى إلى آية صوفيا والتي لن يرويها إلا الصلاة فيها، فآية صوفيا إرث جدهم الفاتح أمانة في أعناقهم.
يوقع على قرار إعادة آية صوفيا مسجدا وهو يخاطب ذئاب العالم: (إن تحديد مصير آية صوفيا يعد حقا سياديا لتركيا).
نعم لقد وقع أردوغان على هذا القرار وهو يستند إلى إيمانه بربه أولا وإلى دعم شعبه له ثانيا، ويقينا إن هذا الحدث كان خيرا على الشارع التركي.. كيف لا ورجوع الصلاة إلى آية صوفيا قد وحد هذا الشارع وعمل على تقوية هندسة البيت التركي الداخلي وتماسكه. نعم فالمعارضة السياسية التي نبتت من هذه التربة التركية كانت على يقين أن من سيقف معارضا لهذا القرار يكون قد حكم على نفسه بالانتحار السياسي وسيبقى موقفه وصمة عار على جبين حزبه ولن تنساه الذاكرة التركية وهذا الشعب سيلقن ذلك الحزب درسا في الانتخابات القادمة.
لذلك وجدنا المعارضة تسابق الحكومة في تقديم التهاني إلى الشعب التركي بهذا اليوم الأغر.
ولعلنا إذا ما استعرضنا بعض آراء زعماء الأحزاب السياسية في الساحة التركية سنجد أن كلماتهم قد شحنت بالسعادة وهي تخاطب الشعب التركي, فهذا رئيس حزب المستقبل صديق أردوغان بالأمس أحمد داوود أوغلو يتغنى بهذا القرار:(إن فتح آية صوفيا للعبادة هو تحول الشوق الذي دام عشرات الأعوام إلى حقيقة).
وينضم الرئيس السابق عبدالله غول إلى قائمة المهنئين بقوله: (هذا القرار التاريخي أسعد شعبنا العزيز وأهنئ كل من ساهم فيه).
ولم يكن حزب السعادة الذي أسسه زعيم تيار الإسلام السياسي في تركيا البروفيسور نجم الدين أربكان بعيدا عن صدى هذا الحدث فقد بادر رئيسه الحالي (تمل كارامولا أوغلو) إلى قافلة المهنئين بقوله: (إن هذا القرار اتخذ بما يتناسب مع رغبة أمتنا منذ زمن)
نعم لقد اتحد الشارع التركي في آية صوفيا ودخل أولئك الذين كتبوا على جدران حديقة (غيزي بارك) «الظلم بدأ في عام»1453 إلى جحورهم.
ويقينا إن الشارع الإسلامي قد تلقى هذا الخبر الذي أثلج الصدور ببالغ السعادة والفرح إلا ذلك المحور الذي يعلن العداء لتركيا في كل محفل ووقت فقد بدت عليه البغضاء وهو يغازل ويؤيد الاعتراضات الغربية التي اعتبرت أن ما قام به أردوغان يعد (استفزازا صريحا للعالم المتحضر) فحشد إعلامه ونادى: يا للمقدسات التي تنتهك!!! وقد نسي بل تناسى أن تركيا أرض الحريات الدينية ففيها أكثر من 400 كنيس وكنيسة.
وما كان هجومهم الشرس إلا كرها بتركيا وأردوغان.... نعم فهذا الفريق ذاته من خرس لسانه وصم إعلامه يوم أعلن سيدهم في البيت الأبيض قراره باستلاب القدس أكبر خزان للمقدسات لصالح اليهود... أما مسجد بايري في الهند فقد صمت آذانهم أن يسمعوا أنينه حين حوّل إلى معبد للأصنام.
ولله در الجاحظ عندما قال فيمن يجلب العار لنفسه: (إن هذا الفعل لا يكون إلا بخذلان من الله)، وما فعله أذناب وأبواق الغرب في موقفهم المخزي هذا إنما هو الخذلان بعينه.
copy short url   نسخ
15/07/2020
4899