+ A
A -
يعقوب العبيدلي
استقللت دابتي - سيارتي، وأخذت لفة مسائية في مدينة اللؤلؤة وكتارا والكورنيش، وقضيت لحظاتي وأنا أستمع إلى إحدى روائع أم كلثوم «الأطلال»، وكنت مستطرباً منتعشاً منتشياً مع الأغنية وسيدة الغناء العربي، ومفردات العربية التي تصدح بها وتلامس أوتار القلب، طرب أصيل، ومعاني عميقة، وصوت فيه أنوثة مع قوة وشموخ، لا استهبال ومسوخ، وبدأت أتساءل: هل تغيرت ذائقة المستمع العربي والخليجي؟ وما عادت تستهوي تلك الأغاني الشامخة المؤثرة، وصار مع الخيل يا شقرة، يستمع لأغاني الرقص وليس السمع! وللأغاني الرخيصة التي لا تحمل أي معنى وكلماتها تحمل كل معاني الجفاف والقحط اللغوي، آه على أغاني الزمن الجميل، بساطة في كل شيء، وجمال وروعة كلمات، ومعاني رغم بساطة الفكرة، وألحان آسرة، لذلك هي الأقرب لنا دائماً وأبداً، كم كانت جميلة تلك الأغاني بأركانها الثلاث من كلمات وألحان وبساطة في الأداء، من مثلي والحبل مثني، تستهوينا الأغاني القديمة، والفن الحقيقي والطرب الأصيل، رغم بساطته، العاشق والمحب والمتزوج والأعزب والرجل والمرأة والكبير والصغير والفتى والفتاة، الكل يستمع للأصيل والجميل، وصلنا إلى مرحلة تعبنا من أغاني «التفاهة والهيافة» والفيروسات الضارة! كم هي جميلة أغانينا القديمة، وألحاننا القديمة، وبساطتنا القديمة في الأداء، حتى رجالاتنا قديماً وشيباننا قديماً من عشاق الطرب الأصيل، كم هي جميلة أم كلثوم وهي تغني «الأطلال» وتغرد بالجملة الأشهر «اعطني حريتي أطلق يدي»، أو قصيدتها الغنائية «هذه ليلتي» عندما تقول: «تعال أحبك الآن -وتكررها- الآن أكثر»، مؤكدة على معنى «الآن»، ودوما ما يقال في الفلسفات الروحانية القديمة إن السعي نحو الوصول لقوة «الآن» والتي تعني اللحظة الحاضرة هو الأدق للوصول إلى المنشود والمرتجى. ولعل شعراء الزمن الجميل والطرب الأصيل كانوا يحاولون كأي -إنسان عربي- أن يجدوا متنفسا من الحرية والحب يفتقدونه، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
13/07/2020
3171