+ A
A -
قيل لأحدهم إن ابنك يدعي الحب والعشق، وينشد الوصال والزواج، فقال: لا بأس في ذلك، فإذا أحب وعشق بصدق فقد نظف، وظرف، ولطف، والزواج خير واستقلالية، أغض للبصر، وأحصن للفرج، ونصيحة النبي صلى الله عليه وسلم للشباب قوله: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، والباءة مقصود بها القدرة الجسدية والمالية، وما يتعلق بها من مؤن الزواج. إن الحب هو أمتع وأرق المشاعر التي تصيب الفتى والفتاة، الرجل والمرأة، الحب لا يستأذن القلوب بل يقتحمها، وله تأثيره العذب على النفس والحواس، وقد أخذ مأخذاً، مما نظمه الشعراء قديماً وحديثاً، وتفلسف به الفلاسفة والحكماء، ولكن لماذا ينعتونه بالأعمى؟؟ هل الحب معصوب العينين! أم أن الحب والهوى شريك العمى! أم حبك للشيء يعمي ويصم، وقد تعددت المقولات وكثرت في هذا الجانب، فمنهم من قال: «إن الحب أعمى والمحبون لا يرون الحماقة التي يقترفون»، وقال غيرهم: «من يحب يرى الورود بلا أشواك»، وإمامنا الشافعي كان يقول: «وعين الرضا عن كل عيب كليلة، ولكن عين السخط تبدي المساويا»، يعني أن المحب ينظر إلى طرفه الآخر وهو معصوب العينين، لأنه هائم بها أو به، فلا يرى فيه النواقص، أو شيئاً من
الانتقاص، تراه يغض الطرف عن العيوب، ويكون متسامحاً، حبوباً، ويحوّل الزلات إلى حسنات، والسلبيات إلى إيجابيات وهكذا، ولكن هل ستنجح هذه العلاقة بهذا التغابي والتغاضي! أم ستكون العلاقة مرهونة بحالة التوهج والذروة والذوبان في الآخر. أنا أرى أن يكون الحب مبصراً منذ البداية، ولا مانع في أن نرى الحبيب بعين الجمال والكمال، وكل شيء فيه جميلاً، وكما قال إليا أبو ماضي كن جميلاً تر الوجود جميلا، قبل أن يحل خريف الحب وتبدأ الوريقات الصفراء بالتساقط، وتتحول علاقة الحب إلى باردة ناشفة جافة محنطة، وحينها تتفتح العيون ويتلاشى العمى فتتكشف الأخطاء وتظهر البلاوي، ولكن بعد أن وقع الفأس في الرأس، وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
07/07/2020
2281