+ A
A -
عرفت (م) بو أحمد على مدى سنوات إنسانا خيّرا طيّبا، متفائلا، شامخ القامة، مشرق القسمات، يمتلك من التوهج العلمي والإنساني والاجتماعي والمهني ما يجعلك تشعر أنه موسوعة تمشي بين الناس، عرفت هذا الشخص يخرج بين فترة وأخرى وفي الإجازات صباحاً على كورنيش الدوحة حاملاً معه أكياساً من طعام الحمام والطيور ينثرها على البساط الأخضر طعاماً للطيور، فقلت لنفسي ما أعظمه من رجل يعمل على إطعام الطيور وهي في سمائها بحثاً عن الأجر، ما أجمل العصافير والحمام، ما أجمل هديل الحمام أو الحمامات أو الحمائم وكل هذه الجموع صحيح، وما أجمل زقزقة العصافير، إنه تسبيح (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَأوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً)، (الإسراء: 44).
علمني (م) بو أحمد الرجل المحسن السخي مع الجميع، كيف أستفيد من فضلات الطعام كالأرز أو المعجنات أو الخبز، وكيف أستفيد منها في إطعام الطيور والحمام، وحتى السمك في البحر، متعة وسعادة رؤية الطيور وهي تأكل، شعور جميل واستشعار للأجر، شعور أكثر من رائع، وأنت تستشعر معاني كثيرة من المشاركة والتعاون والعطاء والإحسان والرحمة والإيثار وحب الجماعة والبعد عن الأنانية وحب الذات، وكيف أن هذه الطيور أمم أمثالنا تعلمنا هذه المعاني: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)، (الأنعام: 38)، وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد، عند تأمل منظر الطيور والحمام، وهي تأكل ما ترميه لها، أو تطعمها إياه، تدرك عظمة الخالق في خلقه لهذه الطيور سواء كان في شكلها أو في عملها أو في سعيها، فسبحان الله أحسن الخالقين: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ)، (الشورى: 19). جاء في الأثر أن رحمة الإنسان بالحيوان والإحسان إليه سبب عظيم لرحمة الله للعبد يوم القيامة: (من رحم ولو عصفورا رحمه الله يوم القيامة)، وحينما تساءل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: (يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً، قال: في كل كبد رطبة أجر)، فمن باب الرحمة بذلك الطائر الصغير أن توفر له من سبل الطعام ما نستطيع، حتى ننال الأجر من الله والرحمة بفعل سهلٍ يسير، فيا من أغرته الدنيا بشهواتها وملذاتها وانشغل عن الآخرة والمساكين والفقراء والمعدمين بجمع الأموال وتخزينها، تعلم من (م) بو أحمد هذه المعاني الكريمة السامية، فأنت اليوم فوق الأرض وغداً ستكون تحتها، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ويا باغي الخير أقبل، وعلى الخير والمحبة نلتقي.

[email protected]
copy short url   نسخ
05/07/2020
2505