+ A
A -
كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يمشي ومعه أبو ذرٍّ الغفاري، فرأى شاتين يتناطحان، فقال له: يا أبا ذر، أتدري فيما يتناطحان؟
فقال أبو ذرٍّ: لا.
فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ولكنَّ الله يدري، وسيقضي بينهما يوم القيامة!
الدُّنيا ليستْ نهاية المطاف، فلا تبتئس لحقٍّ لكَ لم تأخذه فيها، ولا تفرح بحقٍّ غصبْتَه من غيرك، في الآخرة ستُقام المحكمةُ التي تشهدُ فيها الجوارح، يدُك التي أخذتْ ما ليس لها، وعينُك التي نظرتْ إلى ما لا يحِلُّ لها، وفمُكَ الذي أكلَ الحرام، ولسانُك الذي آذى الناس، شهودُكَ منكَ وعليكَ، فأَحسِنْ اختيار شهودك!
أيتها البنتُ التي حُرمتْ من الميراث لأنها بنتٌ، واللهِ لتفرحينَ بحقكِ الذي ستأخذينه بين يدي اللهِ أكثر من فرحكِ بميراثكِ لو أنكِ أخذتِه في الدنيا!
أيتها الزوجة التي أُوذيتْ ضرباً مبرحاً وكلاماً جارحاً فصبرتْ واحتسبتْ وقالتْ: حسبي الله ونعم الوكيل، واللهِ لتأخذين حقكِ بين يدي الله وستفرحين به أكثر من فرحكِ بدلالِ الدنيا لو أخذتِهِ!
أيها العاملُ المسكين الذي سمعَ عباراتِ الإهانة، وأُوذيَ في كرامتِه وجسدِه، فصبرَ واحتسبَ كي لا يجوع أولاده، والله لتأخذنَّ حقكَ بين يدي الله، ولتفرحنَّ به أكثر من فرح التوقير لو نلته في الدنيا!
أيها التقيُّ النَّقيُّ الذي اتُهِم في دينه، ورُميَ بالتشدُّد والتخلُّف، واللهِ لتأخذنَّ حقك بين يدي الله، ولتفرحنَّ به أكثر من فرحك ولو نصبوا لك منبراً في الدنيا!
أيتُها التي أُوذيت في عرضها، وقيل فيها ما ليسَ فيها!
أيها الذي اتُهم بأمانته وسُجن ظلماً!
أيتها التي قيل عن حِجابها مُعقدة ودقة قديمة!
وأيها الذي أُخذ منه بالواسطة وظيفة كان يستحقها!
استبشروا جميعاً، إنَّ الرَّب العادل الذي سيقضي بين شاتين يتناطحان، وقد سقطَ عنهما التكليف، فسيقضي بالعدلِ بينك وبين خصومك، ويا لسعد من أتى الله مظلوماً ولم يأته ظالماً!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
02/07/2020
2145