+ A
A -
لا ندري إن كنا سنتمكن من عناق أصدقائنا، من السهر، من احتضانهم في حالات ضعفهم وخوفهم، في حالات احتياجهم لكتف يسندون رؤوسهم المتعبة عليها، كما كان الحال قبل الحظر، لا ندرك كيف ستكون علاقتنا بالحياة عموما، هل سيبقى نفس الحذر والخوف من الآخرين موجودا؟! (حين أضطر هذه الأيام للخروج من المنزل لسبب طارئ، فإنني أتحاشى المرور من جانب أي شخص، أبحث عن المسافات الفارغة في الشارع، وإذا ما عبر أحد من جانبي فإنني أتوتر وأقلق، خصوصا إن كان وجهه بلا قناع، فقد يكون مصابا بالفيروس، وقد ينقله لي، أفترض أيضا أن الآخرين يشعرون تجاهي بنفس الخوف والحذر)، لا يمكنني تخيل أن أمضي ما تبقى من حياتي وأنا حذرة وقلقة من وجود الآخرين، أنا التي تستمد طاقتها الإيجابية من البشر وأصواتهم وروائحهم وضجيج الحياة على وجوههم، كيف سيكون شكل علاقتي بهم، هل سأتمكن ثانية من استقبال صديقة لجأت إلىّ من مشكلة لتبقى معي مدة في بيتي الصغير؟! هل سأتمكن من مواعدة الأصدقاء في المقهى المزدحم؟! أسئلة كثيرة تخطر في البال أثناء العزلة، بيد أن أسئلة كهذه تجيب عنها حالة البشر في الدول التي استعادت الحياة بعد أشهر من الغلق الكامل، البشر في تلك الدول نسيت مباشرة خوفها وحذرها، وعادت لاحتضان الحياة.. هذا على الأقل يبشر ببعض الفرج.بيد أن ثمة أسئلة وجودية، تتعلق بقيمة الإنسان في هذا الكون، أظن أن الجميع خطرت لهم، فالبشرية تعيش لحظة تاريخية استثنائية ونادرة، تفضح كم هو الكائن البشري هش وضعيف وعاجز، حين يمكن لكائنات فيروسية لا ترى بالعين المجردة أن تعطل حياته على هذه الشاكلة؟! أين تنمره وعجرفته وقوته ورغبته التدميرية؟ أين كل هذا أمام الفيروس؟ هل ساعدته القوة والتنمر على النجاة؟! ورغم أن العلم سوف يهزم الفيروس لاحقا، لكن حتى الآن هو يقف الآن عاجزا عن إيجاد الحل!
بقلم: رشا عمران
copy short url   نسخ
17/06/2020
5085