+ A
A -
جاءَ ثلاثة رجالٍ إلى بيوت أزواجِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يسألون عن عبادتِه، فلما أُخبروا بها فكأنهم رأوها قليلة، فقالوا: أين نحن من النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقد غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر.
فقال أحدهم: أما أنا فإني أُصلي الليلَ كله ولا أرقدُ
وقال الثاني: أما أنا فإني أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِر
وقال الثالث: أما أنا فإني أعتزِلُ النساءَ ولا أتزوج
فلما جاء النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأُخبِرَ بالذي كان من الرِّجال الثلاثة، ذهبَ إليهم، وقال لهم: أنتم الذين قُلتم كذا وكذا؟
فقالوا: نعم يا رسول الله
فقال: أما واللهِ إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أُصلي وأرقدُ، وأصومُ وأفطِرُ، وأتزوجُ النساءَ، هذه سُنَّتي فمن أعرضَ عن سُنَّتي فليسَ مني!
ما حَكَمَ الصحابةُ العالمَ، ولا هَزموا الإمبراطوريات إلا بحُسنِ اتباعهم للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلّّم، حتى أن أحدَهم مرَّ يوماً بمكانٍ فحنى رأسه، فلما سُئِلَ عن السبب قال: قد كان هنا شجرة لها غصن وارف فلما مرَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أحنى رأسه، فإني أفعلُ كما فعل وإن قُطِعَتْ الشَّجرة!
لا شيء أحبُّ إلى الله سُبحانه من عبادته على طريقةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وسنته دون إفراطٍ ولا تفريط، وهما مقتلُ الأُمَّة، فالإفراطُ هو الذي جاء إلينا بالتشدُّدِ، والفِرقِ الضالَّةِ، والاستهانةِ بالدماءِ، والتكفير! والتفريطُ هو الذي جاء إلينا بالتفلُّتِ، والانهزامِ، والأمراضِ الفكريةِ، والتبعيةِ للغرب!
والإسلامُ هو وسطٌ بين رذيلتين، التشدُّد والتفريط، ولو نظرْنا إلى تعاليم الإسلام لوجدْنا أن كل فضائله، وأخلاقه، وسط بين رذيلتين، فمن حاد عنه وقعَ في إحدى الرَّذيلتين!
الشجاعةُ التي دعا إليها الإسلام هي وسطٌ بين الجُبن والتهور!
والكرمَ الذي دعا إليه الإسلام هو وسطٌ بين البُخل والتبذير!
والحياءُ الذي دعا إليه الإسلام هو وسطٌ بين الخجلِ المَرَضِيِّ والوقاحة!
العفةُ التي دعا إليها الإسلام هي وسطٌ بين الرهبنةِ والإباحية!
دوماً اُنظُرْ إلى الخُلُق السيئ في أسفل القائمة وفي أعلاه تجد الإسلام قد أرسى خُلُقاً وسطاً بعيداً عن الخُلُقين السيئين!
ليس في ديننا ما نخجلُ به، الذي ينتقِدُ لكَ السِّواك في عصرٍ وصلَ فيه الناس إلى القمر، ينتقِدُ وكأنَّ السِّواك هو الذي منعه من الصعود إلى القمر، ما منعكَ يا عزيزي ليسَ السواك وإنما العقل المريض الذي تحمله في رأسك!
وما أجمل الإمام مالك يوم قال: السُّنة سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلَّفَ منها غَرِقَ!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
26/05/2020
2029