+ A
A -
شعر
: نزار عابدين
أديب وإعلامي سوري
في هذه القصيدة، يعارض الأديب نزار عابدين «النونية» الشهيرة، مستلهما عنوانها من رواية الكاتب الكولمبي غابرييل غارثيا ماركيز «الحب في زمن الكوليرا»، ويرصد التحولات في قاموس الحب، التي أحدثتها جائحة «كوفيد ـ 19». هذا مطلع قصيدة ابن زيدون الأشهر في الغزل، وقد قالها بعد أن هجرته غادة الأندلس الطروب ولّادة بنت المستكفي:
أضحى التنائي بديلاً من تـدانينا
وناب عـن طيب لقـيانا تجافـيـنا
أضحى «التباعُـدُ» دستورَ المحبّـيـنا
ما عـاد ينـفـعُ في الـلـُقـيـا تـدانـيــنــا
«لـُـمّي» يـديـك فـإني لـن أمُــدّ يــدي
كـفٌّ تـُلامِـسُ كـفــّـاً كان يـغـريــنــا
كان الـعِــنـــاقُ كأحْــلامٍ تُـراودنـــــا
والـيـوم نخـشى عـناقاً منك يُـعـديـنـا
الحبُّ يُطـلِـقـنـا، والشــوقُ يـسـبِـقــنـا
والخـوف يُقـلـقـنـا، فـالـقـول يكـفـيـنا
أشـتاق وجهَـك، أين الوجـهُ يَفـتُـنُــنـا
لا شيءَ غـيـرَ «كمَـامـاتٍ» تــناديــنـا
قالوا البـراقـعُ ليسـت زِيَّ حاضـرِنــا
قـد ســاد بُـرقـُعُـنـــا حـتى أعـاديـنـــا
مـن أيـنَ أدري بـأنَّ الحِـبَّ ليس بِــه
عـدوى، فـتـمـلأ دمـعــاتٌ مـآقــيـنـــا(1)
يا مُنـيـتي والهوى في القلب مرتعُـه
نخشى السـقامَ وكان الحبُّ يُحيـيـنــا
رُدّي السـلامَ كـمـا لـو كان عـاذِلـُنـا
كالصقرِ يرقُـبُـنا والـقـصـدُ يُـؤذيـنـا
غيظ العِدا من تساقينا الهوى فدعوا
بـأن نغَـصَّ فـكان الـردُّ «كورونـا»
ربـيـبُ خفّاشٍ بئـسَ الربـيـبُ ومَـن
ربّى، عسى اللهُ بـالألـطـاف يُنْجيـنا
كنّـا وكنـتـم ومـا يُـخـشى تـفُـرُّقـُـنــا
واليـوم يـا مُنـيـتي نخـشى تـلاقـيـنـا
كم من مشاويـرَ كان الحـبُّ يملـؤها
واليـوم إحـصاءُ مَن ماتوا يُـبكــّيـنـا
بِـنـتُـم وبِـنّـا فـمـا جـفّـت مـدامـعُـنـا
شـوقاً إليكم وذا «الكورونُ» يشـقـينا
من يبلغُ الحِبَّ بعد الحجـرِ يحصرُنا
أنـّا نـكــابــدُ حـزنـــاً كــاد يُـبـلـيـنــا
أنّ الـزمــانَ الذي قـد كان يـسـعِـدنـا
يـبـدِّلُ الشوكَ باسـم الحـبِّ نِسـريـنـا
ما عاد يـضحـكنا، ما عـاد يـؤنـسـنا
بل صار هـمـّاً وحـزنَ الدهر يسـقينا
كنـّا نعـيـشُ لــيـالـيـنـا كمـا نـهـــوى
كانـت بـكم والهـوى بـيضاً لـيـالـيـنـا
والـيـوم نحيـا عـلى ذكرى وأمـنـيـة
مـا عــاد مِـن فــرحٍ إلا أمــانـيــنـــــا
وقـد يـعـود إليــنـا الاُنـسُ يُـسـعـِدُنـا
لـمـّــا يـغــادرنا فــيـــروس كورونــا
1- الحِبُّ: المُحِبّ. والحِبُّ المحبوبُ
copy short url   نسخ
12/05/2020
1825