+ A
A -
هنالك شيء مشترك عند القراءة العامة لواقع السياسة في السودان بعد انتصارات الثورات الثلاث، وهو أن ثورة أكتوبر 1964 تفجرت بندوة لمناقشة مشكلة جنوب السودان في ظل الحرب الأهلية.
وأن ثورة أو انتفاضة مارس – أبريل 1985 نجحت في إسقاط نظام نميري، بينما كانت هنالك حرب مشتعلة في جنوب السودان، وأن ثورة أبريل 2019 حققت نصرها بينما كانت هنالك حروب في ثلاث مناطق من السودان هي إقليم دارفور ومنطقة جنوب كردفان ومنطقة النيل الأزرق، وأن النجاح الشعبي في هذه الثورة تحقق بعد أعوام من انفصال «جنوب السودان، حيث نشأت دولة جنوب السودان بعد فترة انتقالية مدتها ست سنوات جرى بعدها استفتاء لسكان جنوب السودان ليختاروا بين الوحدة أو الانفصال فاختاروا الانفصال.
معلوم أيضا أن انفصال جنوب السودان أدى إلى فقدان دولة السودان لجزء منها وذلك بعد اقتطاع أهل الجنوب لمساحة إقليمهم وتكوين دولتهم المستقلة التي نالت اعتراف العالم وارتبط ذلك بضياع عائدات بترول جنوب السودان التي كانت جزءا من موازنة السودان الكبير قبل انفصال الجنوب وهو ما خلق واقعا اقتصاديا صعبا للغاية.
إن التطلعات الشعبية تتمثل في ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة في السودان والاحتكام إلى النظرة العلمية عبر إعطاء أدوار كبيرة في التخطيط والتنفيذ للأكاديميين والمهنيين المتخصصين في كافة المجالات لإيجاد حلول اقتصادية ناجعة وإنفاذ تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة والعمل على تعزيز انتعاش قطاع الخدمات المقدمة للمواطنين في الحضر والريف والتوصل إلى اتفاقيات سلام مع الحركات التي اضطرت لحمل السلاح في فترة «نظام الانقاذ» الذي امتدت فترة حكمه لثلاثين عاما.
المطلوب أيضا ترسيخ حكم القانون وتعزيز قدرات القضاء المستقل ووضع اسس راسخة لوسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي تضمن الحرية الإعلامية لتقديم الرأي والرأي الآخر، وهناك أيضا تطلع إلى أن تكون السياسات الخارجية في الحاضر والمستقبل متوازنة ومنبنية على معطيات علمية سديدة.
إنها بعض التأملات عن واقع العمل السياسي في المرحلة الجديدة في السودان سقتها هنا بتلقائية عبر النظر إلى ما يحمله الشارع السوداني من آمال عريضة في أن تكون المرحلة الحالية مرحلة خير وبركة على السودان تعيده إلى وضعه الطبيعي في الساحات الإقليمية والدولية مثل ما كان حاله في سنوات ما بعد الاستقلال (منتصف الخمسينيات من القرن الماضي).
بقلم: جمال عدوي
copy short url   نسخ
10/05/2020
3827