+ A
A -
ــــــ كان سعد بن أبي وقاص من أرمى الصحابةِ بالقوسِ، ولمّا كان يوم غزوة أُحُد، رأى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم رجلاً من المُشركين قد أثخنَ بالمُسلمين، وقتلَ منهم، فتناولَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سهماً من كِنانته، وأعطاه لسعدٍ وقال له: اِرمِ فداكَ أبي وأمي!
فأخذ سعدٌ السَّهم، ووضعه في قوسه، ورمى به الرَّجُلَ المشركَ، فأصابه قُربَ قلبه فسقطَ ميتاً، فجعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضحكُ حتى بدتْ نواجذه!
يُعلمنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن نأخذَ بالأسباب، فيوم أُحُدٍ لبسَ درعين لا درعاً واحداً، رغم أنه أكثر أهل الأرض يقيناً أن هذه الدروع لن تحميه من الموت لو أنَّ الله سُبحانه قدَّر له أن يموتَ يومها، ولكنه كان يأخذ بالأسباب كأنها كل شيء، ويعتمدُ على الله كأن الأسباب لا شيء!
وانظُرْ إليه كيف يأخذُ سهماً من كنانته ويُعطيه سعداً، لم يجلسْ يومها في خيمته، بل كان في قلبِ المعركة، وهذه رسالةٌ عظيمةٌ لكل قائدٍ في مجاله، للمُديرِ في شركته أن اِنزلْ إلى الأرض، وتابعْ أمورك بنفسك عن قُرب!
للوزير أن لا تعرف عن الناس ما يصلك من تقاريرِ معاونيكَ فقط، شاهِدْ كيف تجري الأُمور بنفسك، التقِ مع الناس واسمعْ منهم!
للآباء أن ينزلوا من أبراجهم العاجية قليلاً، ساعِدْ زوجتك في المطبخ، حُلَّ لولدٍ فرضاً، اروِ لبنتٍ قصةً، علِّمْ طفلاً سورةً من القرآن، الأبُ ليس جامع َمالٍ فقط، وما يحتاجه الأولاد أكثر من مسكنٍ ورغيفٍ، ثمة فرق شاسع بين التربيةِ والإعالةِ!
درسٌ نبويٌّ آخر، لقد أعطى السَّهم لسعدٍ لِمَا يعرفه عنه من مهارةٍ في الرَّمي، حتى في خِضَمِّ المعركةِ كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يضعُ الرجل المناسب في المكان المناسب، السَّهمُ لأفضل رامٍ، وقيادةُ الجُند لحمزة أفضل من يعرفُ شؤون الحرب من الصَّحابة، هذه الأُمَّة لن تستعيدَ مجدَها حتى تضع الرجل المناسب في المكان المناسب!
التشجيعُ والتحفيزُ يُخرجُ أفضل ما في الناس، تماماً كما أن الانتقاد الفارغ واللوم الدائم يُصيبهم بالإحباط، ويقتلُ فيهم مهاراتِهم ومبادراتِهم للإبداع!
اِرمِ فداك أبي وأمي! كلمةٌ تقولها العربُ للتحبُّبِ والتشجيعِ والتقرُّبِ، ورغم أن الوقت وقت حرب، والمعركة على أشُدِّها، لم ينسَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يشجِّعَ أصحابه، فلِينُوا، وشجِّعوا، وحفِّزوا، يُعطيكم الآخرون أقصى قدراتهم!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
05/05/2020
3842