+ A
A -
ثمة موضوعـات تغري بالكتابة: مرّ أوّل الشهر يوم العمال العالمي، أو عـيد العمال في بعـض البلـدان. الأول من مايو اخـتـراع أميركي، وليس كمـا قـد يتـصـور كثيرون من اختـراع الاتحاد السوفـييتي أو إحـدى الدول الشـيوعية، وهم الذين نادوا حتى بحت أصواتهم «يا عمال العالم اتحدوا» الذي أطلقه كارل ماركس وفردريك انجلز عام 1848، ولم يتحد العـمال، وتبـين أن الانـتماء إلى الوطن أهـم من الانتماء إلى الأممية الشيوعية.
وبعد يومين يحل عيد الشهداء، في ذكرى الشرفاء الذين أعدمهم جمال باشا (السفاح) في 6/5 1916
وقبله بيوم حلت الذكرى الثانية والعشرون لوفاة أشهر شعراء سوريا وربما الوطن العربي في نصف القـرن العـشرين الثاني نزار قباني، ولنلاحظ أن الشاعـر إنسان ربيعي بامتياز، فقد ولد في 21 / 3/ 1923 يوم النيروز، وتوفاه الله في الثلاثين من أبريل.
لا عـلاقة بين نزار قـباني والعـمال، ولم ينشغـل بهم، لأنه لا يعـرفهم، فهـو ابن طبقـته المتوسـطة، وقد عبر عن اهـتماماتها وانشغالاتها، وأسـتغرب ممن يقـولون إن انعطافاً حاداً حدث في مسـيرة الشـاعر بعد هزيمة 1967 وعبر عن غضبه بقصيدته الشـهيرة جـداً «هوامش على دفتر النكسـة». كانت هذه القصيدة منشـوراً سـياسـياً، وكان الشاعر متعـجلاً في كتابتهـا، ربـما لأنه أراد أن يطـرق الحديـد وهـو حـار (كـما يقـول المثـل الشعبي) ومنذ تلك القصيدة توغل الشاعر في علم السياسة والكتابة السياسية المباشرة، لذلك انتـشرت القصيدة وما تلاها، ليس لقيمتها الشـعرية، بل لأنها تلامس وتراً حسـاساً في نفس كل عربي، لاسيما الذين اكتووا بنار الهزيمة.
وأستغرب القول: إن نزار قباني شاعر المرأة، وهذا الحكم مقبول في حالة واحدة فقط: أنـه أكثـر الشعراء حديثاً عـن المـرأة، ولكنه أكثرهم احتـقاراً لها، يـتعامل معها كجارية ووسـيلـة لـمتعـته، ولـو اتسـع المجـال لأوردنا عـشـرات الأبيات، وحسـبكم العـودة إلى قـصيدة «الرسـم بالكلمات» من ديوانه الذي يحمل الاسم نفسـه، أو عـودوا إلى دواوينه الأخرى وســتجدون أنه أكثر الشعراء «تشـييئاً» للمرأة واتخاذها وسـيلة لتحقيق رغباته التي قد تكون مريضة أحياناً.
لم يكن نزار قباني منفصلاً عن واقع بلده وأمته، لكنه اختار المرأة كمبررلتصوير ما ينتقده، وعـودوا إلى قصيدته «خبـز وحشـيش وقمر» وكانـت أول قـصيـدة تـناقـش في البـرلمان، وطالب بعـض النـواب بـفـصلـه من وزارة الخارجيـة، ورد رئيس الوزراء وزير الخارجية خالد العـظم عليهم: سـلطتي على نزار الموظـف في هذه الوزارة، أما نزار الشاعر فلا سلطة لي عليه.
بقي أن نزار قباني وأحمد شوقي لم يضف لهما شهرة غناء المغنين قصائدهما، وهما أشهر من المغنين والمغنيات.
بقلم: نزار عابدين
copy short url   نسخ
04/05/2020
1349