+ A
A -
لمَّا نزلتْ آية الصَّدقة، اجتهدَ الصحابةُ في الإنفاق، فجاءَ رجلٌ فتصدَّقَ بشيءٍ كثير.
فقال بعض الناس: هذا مُراءٍ!
وجاءَ رجلٌ آخر فتصدَّقَ بصاعٍ.
فقال بعض الناس: إنَّ الله غنيٌّ عن صاعِ هذا!
فنزلَ قولُ اللهِ تعالى: «الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخرَ الله منهم ولهم عذابٌ أليم»!
يبدو أنَّ بعض الأشياء لا تتغيَّر على ظهرِ هذا الكوكب، في كلِّ مجتمعٍ سنجدُ فئةً لا عمل لها إلا التَّنظير الفارغ، والدُّخول في نوايا الناس، عيَّنوا أنفسهم قُضاةً على خلق الله، وجلسوا يُصدرون الأحكام، ويُوزِّعون الناس على الجَنة والنار، وهؤلاء لو أردتَ أن تنتقدَهم فإنك تحتار من أين تبدأ!
الشابُّ الذي يرتادُ المساجد عندهم مُعقَّد، والذي لا يذهب إلى المساجد مُنحلّ!
الفتاةُ التي تلتزمُ الحجاب الشرعي عندهم جاهلة بالموضة و«دافنة نفسها»، والفتاة التي لا تتحجَّب عندهم لا تعرف الله!
الذي يُقيم موائد الإفطار عندهم شخصٌ يُحبُّ الظهور، والذي لا يُقيمها بخيل!
الذي يقضي وقتاً طويلاً في بيتِه مع عائلتِه عندهم مُنطوٍ وغير اجتماعي، والذي يخرجُ كثيراً مُهملٌ لبيته!
التي تصنعُ الحلويات في منزلها عندهم بخيلة، والتي تشتري الحلويات من المحلات عندهم مُبذرة!
هكذا هم يبحثون في كل فضيلةٍ عن رذيلة هي في أنفسهم!
إذا استمعَ الشابُ لكلامِ أبويه قالوا ضعيف الشخصية!
إذا التزمتْ الفتاةُ بيتها قالوا «دقة قديمة»!
إذا عملَ أحدٌ بوظيفتين ليكفي نفسه ويستغني عن أمثالهم قالوا: أكلتْهُ الدنيا!
إذا بكى إمام في الصلاة قالوا: مُمثلٌ بارع!
أمثال هؤلاء على الإنسان أن يهربَ منهم ومن مجالسِهم كما يهربُ من الطاعونِ والجربِ والجُذامِ، لأن حالهم كحالِ جحا وابنه مع الناس!
ركبَ جحا وابنه حماراً لهما، فقالوا: يا للحمار المسكين يركبه اثنان!
أنزلَ جحا ابنه وبقيَ هو راكباً، فقالوا: يا للأب القاسي، يركبُ ويتركُ ابنه يمشي!
نزل جحا وأركبَ ابنه، فقالوا: يا للولد العاق يركبُ ويتركُ أباه يمشي!
فقررا أخيراً أن يمشيا ويجرا الحمار، فقالوا: مجنونان معهما حمار ويمشيان!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
28/04/2020
2229