+ A
A -
تتصدر جمهورية الصين الشعبية دول العالم من حيث المساهمة في نمو الاقتصاد العالمي منذ أكثر من عقدين من الزمن، حيث تُظهر المعطيات والمؤشرات الدولية، وحتى الصينية الصادرة عن اعلى المراجع، ارتفاع متوسط مساهمة الاقتصاد الصيني في مسار الاقتصاد العالمي خلال الفترة (2013-2018) على سبيل المثال، إلى 28.1%، لتمثّل بذلك القاطرة الرئيسية للنمو الاقتصادي في العالم بأسره، وقد بلغ الناتج الإجمالي لثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم (بعد اقتصاد الولايات المتحدة) ما يعادل 14.14 تريليون دولار أميركي في عام 2019، لكن هذا الاقتصاد تلقى ضربة كبرى وموجعة، بفعل انتشار (وباء كورونا) الذي عطّل مشاريع واعدة، وقد نشر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) مذكرة تقنية، أظهرت أن «انخفاضاً كبيراً تم تسجيله في الصين في الناتج العام منذ الإعلان عن انتشار وباء كورونا»، ما يعني انخفاضاً في الإنتاج بنسبة 2% على أساس سنوي، كنتيجة مباشرة لانتشار فيروس كورونا.
إن الطامة الكبرى التي أصابت الصين الشعبية واقتصادها، بدأت خلال الأشهر الأخيرة، مع اكتشاف وانتشار (جائحة كورونا) بالرغم من تجاوزها من قبل الصين الشعبية بحدودٍ عالية حتى الآن قياساً لباقي دول العالم الكبرى كالولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي، لكن تأثيراتها على الاقتصاد العالمي اجمالاً، والصيني منها، سيء للغاية، مع تراجع مُعدّل النمو الاقتصادي من 6.1% في 2019 إلى 0.1% هذا العام، حسب ترجيحات البنك الدولي، في تقريرٍ له صدر يوم 30 مارس 2020 الماضي.
وفي المقارنة التي تؤيد ماذهبنا اليه من وقوع خسائر فادحة بالاقتصاد العالمي، والصيني منه، أن حجم الصادرات الصينية في 2019 كان في ارتفاع بنسبة 5% إلى ماقيمته 17.23 (تريليون يوان)، بينما قفزت الواردات بنسبة 1.6% إلى 14.31 (تريليون يوان)، ما أدى إلى وجود فائض تجاري بلغ 2.92 (تريليون يوان) لكن هيهات الآن أن تعود قيمة الفائض التجاري بعد (جائحة كورونا).
وعليه، تتسارع الخطوات نحو مشهد غير واضح المعالم، بخصوص الاقتصاد الصيني، والاقتصاد العالمي ككل، الذي يُحاول العودة للإنتعاش، خاصة مع تراجع انتشار (وباء كورونا)، وخاصة في مدينة ووهان، حاضرة مقاطعة هوبي وسط الصين، والتي تُعتبر مركزاً صناعياً، يُساهم في نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي للصين الشعبية.
لقد جلب (وباء كورونا) سلسلة من التحديات الشديدة للاقتصاد الصيني والأممي، حسب ما أعلن رئيس الوزراء لي كه تشيانغ خلال اجتماع تنفيذي لمجلس الدولة، تقرر خلاله تنسيق وحل الصعوبات والمشكلات التي تواجه استئناف وإنتاج السلسلة الصناعية بأكملها للصناعة التحويلية، لضمان إنتاج وتصدير المنتجات الرئيسية التي لها تأثير مُهم في الماكينة الصناعية العالمية. لذلك إن الحكومة الصينية، وعلى ضوء نجاحها في الفرملة النسبية لإنتشار (جائحة كورونا) تعمل لمواجهة الهزات العنيفة بتسريع عجلة الاقتصاد، وبذل الجهود من أجل المضي قدماً في إقامة المشروعات الكبرى وإفساح المجال كاملاً للاستثمار بهدف تحقيق استقرار النمو الاقتصادي، وفق ما صرح به نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هان تشنغ.
فهل نشهد عودة الاقتصاد الصيني للإقلاع مُجدداً، بعد التطويق العملي لإنتشار (جائحة كورونا) بحدودٍ معقولة في الصين الشعبية، وبانتظار توصل البشرية للقاح فعّال والإنتصار على (كورونا)... أسئلة تنتظر إجاباتها خلال الفترة القريبة المقبلة...
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
25/04/2020
1611