+ A
A -
ما يميز أميركا عـن غـيرها من دول العالم هو تنوع وكثرة المهاجرين واختلاف دولهم وعاداتهم وتقاليدهم وكل شيء.. ولكنهم في المسجد وفي رمضان تجدهم دولة واحدة، صفا واحدا، جموعا ألسنتها مختلفة، ولكن فهمها واحد ولغـتها هي الإسلام ليس سواه لغة.. لغة الدين والوحدانية.. لا تستشعـر سوى الروحانية الدينية التي نستغـرب كيف وحدكم رغم كل هـذه الاختلافات.. سبحان الله كم هو عـظيم هذا الشهر ولياليه الجميلة وروحانيته فهي التي وحدت كل تلك الاختلافات.
يجتمع معـظم المسلمين بأميركا من قـبل صلاة المغـرب وحتى الانتهاء من صلاة التراويح خاصة في العشر الأواخر وتجد الترابط وتسارع أهل الخير لتوفـير وجبات للصائمين وتجد المتطوعـين لخدمتهم وتسهيل تقديم هـذه الوجبات وبعـض المتطوعـين من أصحاب الوظائف المرموقة وعـندي سؤالي شخصياً لأحدهم: لماذا تفعل هـذا فمكانتك الوظيفية لا تسمح بذلك. قال لي: لأنزه نفسي بهذا الشهر من الكبرياء ولعلي بهذا العمل أكون متواضعاً.. وذكر لي موقف الشيخ الشعـراوي رحمه الله الذي بعـد إلقائه لإحدى خطبه وبعـد ما وجد من ترحيب ومباركة لخطبته أوقع ذلك بعض التعظيم والغـرور والكبرياء بقلبه.. مما جعله بعد تلك الخطبة وبطريقه للبيت بعد رؤيته لمسجد قديم طلب من سائقه التوقف، واستغـرب السائق لم التوقف عـند هكذا مسجد، فـنزل الشيخ رحمه الله وتأخر داخل المسجد، فخاف عـليه السائق واستغـرب تأخره فـذهـب ليرى السبب وإذ يجده ينظف دورة المياه بهذا المسجد ليكسر نفسه التي ساقـته للكبرياء.. يا لله ما أعـظم هـذه القلوب أين معـظمنا من هـذا التواضع؟! ويزداد عـدد المصلين في أواخر رمضان كما هو الحال في كل مساجد المسلمين ولكن الذي يميزه هـنا هـو الترابط والتلاحم في كل المساجد حيث يحـرص الكل لخدمة الآخر.. وغالبًا في هـذا الشهـر يزداد حرص المسلمين على البحث عـن الأكل الحلال.. ونيويورك تسود نكهات البلاد البعـيدة في مطاعم الأكل الحلال التي يجري فـيها إعـداد الطعام وفـقًا للشريعة الإسلامية.
ويجتمع المسلمين ويدعـون بعـضهم بعـضاً عـلى ولائم الإفطار ويصلون المغـرب والتراويح في بيت المضيف... تلاحم غريب ومشوق بهذا الشهر.
حال المسلمين هنا لا يختلف عـن غـيرهم ولكنهم هـنا في بلاد غـير المسلمين نشتاق لنستمع لصدى المساجد.. برمضان نفـتقد المسحر نفتقد مظاهـر رمضان ولكن يكفي أن نجتمع لذكر الله في الصلاة هـذا ما يعـوضنا ونعلم حقيقة ما بقلوب إخواننا المهاجرين الذين اغـتصبت بلادهم، هـؤلاء تستمع لأنينهم واضحاً بأعـينهم.. بدموعهم التي تملأ المكان حزنا عـلى أوطانهم حـزنا عـلى أراضيهم وممتلكاتهم وأحباءهم نعم نشاركهم ولكننا حقيقة لا نتألم ولو نقطة في بحرهم.. ربي كن لهم عـونا وناصراً ومخلصاً ومنهـيا لآلامهم ومحنتهم ومصابِهم..
وقـد اقـترب الشهـر الفضيل عـلى الختام أحببت أن أشارككم ببعـض أيامنا بالغـربة مما نشاهـده ونعـيشه وواقع ليومنا هـنا في غـربتنا.
بقلم : إيمان عـبد العـزيز آل إسحاق
copy short url   نسخ
29/06/2016
2952