+ A
A -
جاءت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المسمومة، التي تقع ضمن منطق فرض الحقائق على الأرض من طرفٍ واحد، لتجعل الصراع معها، بل وتجعل صراع الفلسطينيين اليومي مع الاحتلال أكثر صعوبة ومرارة، إلا أنها تختلف عن مشروع اتفاق كامب ديفيد الذي رفضه الرئيس الراحل ياسر عرفات صيف العام 2000، حيث تم الطلب من الرئيس الراحل ياسر عرفات مجرد التوقيع على مشروع الاتفاق، لكنه رفض وبشدة، وتبع ذلك اندلاع الانتفاضة الكبرى الثانية وحصار الرئيس عرفات واستشهاده.
ورغم كل الإجحاف والدمار الآتي نتيجة فقدان التوازن في الخطة الأميركية إياها، إلا أن مجموعات من أحزاب اليمين التوراتي الصهيوني ترفض الخطة الأميركية، لأن لعابها بدأ يسيل أكثر فأكثر، وهي تطالب بالمزيد من الانحياز الأميركي، ومن إنزال للظلم بحق الشعب الفلسطيني صاحب الوطن والأرض، وآخر تلك المطالب دعوتها نتانياهو لإعلان ضم كتل المستعمرات بالضفة الغربية فوراً، وعدم الانتظار لما بعد الانتخابات التشريعية «الإسرائيلية» وفق ما يراه المنسق الأميركي لاجارد كوشنير، صهر وكبير مستشاري الرئيس الأميركي، والذي يعتبر أبرز مهندسي الصفقة «صفقة القرن». وحقيقة، هناك معسكرون داخل الإدارة الأميركية بالنسبة لموضوع ضم المستعمرات المقامة فوق أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية: معسكر السفير الأميركي ديفيد فريدمان ونائب الرئيس مايك بنس، اللذين يؤيدان ضماً فورياً. وبين معسكر لاجارد كوشنر الذي يخشى من أن تنفيذ الضم الآن سيؤدي إلى انفجار الصفقة، ويُمكّن الفلسطينيين عندها من تجنيد العالم العربي ضد الصفقة.
إن مواقف كتل اليمين التوراتي في دولة الاحتلال أثارت قلق نتانياهو وحاشيته بعدما تعهد هو ومستشاروه بأن الضم سيُطرح في اجتماع الحكومة للمصادقة عليه، في أول لقاء عمل بعد مؤتمره الصحفي مع الرئيس ترامب، والذي تم فيه إعلان الخطوط العريضة للصفقة الأميركية بجانبها الفلسطيني فقط، فالخطة موجة للشرق الأوسط ككل، وقد تم البدء بالشق الفلسطيني منها.
فقوى اليمين التوراتي تدعو إلى ما أسمته «اغتنام الفرصة» على حد تعبير الوزير (نفتالي بينيت) الذي قال «إن إهدار الفرصة سيمس بشدة بالاستيطان. نصف مليون سكان (المستوطنين) يهودا والسامرة وغور الأردن يتوقون للسيادة، وهذه بمتناول اليد. ويُحظر التردد». وأضاف مطالباً نتانياهو بـ «العمل بإصرار والتصويت في الحكومة، بأسرع وقت، على أمر فرض السيادة الإسرائيلية على جميع المستوطنات. وسنقف وراءك».
أما الوزير (بتسلئيل سموتريتش) من تحالف «إلى اليمين»، فقد قال للقناة 12 التلفزيونية «الإسرائيلية» إن «خطة ترامب ليست جيدة، ولو تعين علينا المصادقة عليها في الحكومة أو الكنيست لعارضناها بكل قوتنا، فهذه خطة توجد في نهايتها إقامة دولة فلسطينية، وهذا أمر لن نسمح بحدوثه في أي حال. وأرض إسرائيل كلها لنا ولن نتنازل عن أي سنتمتر منها، وهذا صحيح صهيونياً وأخلاقياً ويهودياً وبالتأكيد أمنياً، مثلما يشهد تاريخ 100 عام من الصهيونية». وطالب سموتريتش نتانياهو بفرض «سيادة إسرائيل» على غور الأردن والمستوطنات بأسرع وقت.
كذلك اعتبر حزب أتباع الحاخام الفاشي المأفون (مئير كهانا)، من حزب «عوتسما يهوديت» اليميني الفاشي الموغل في روايته الميثولوجية برئاسة (إيتمار بن غفير)، أن «هذه صفقة سيئة وخطيرة».
{ (يتبع)
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
04/02/2020
1857