+ A
A -
مع الإعلان الرسمي لبعضٍ من تفاصيل تلك الخطة المسمومة لصفقة ترامب ـــ نتانياهو، فإن خطوات تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، قد باتت الآن أكثر سفوراً وانكشافاً، فــ «صفقة القرن»، تُشكِّلُ اغتيالاً لــ «حل الدولتين»، واغتيالاً بأثرٍ رجعي لكل قرارات الشرعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية، والمُتخذة منذ ما قبل عام النكبة وحتى الآن، ومحاولة لفرض الحل الأميركي بعيداً عن مرجعية الأمم المتحدة، وعن أي دورٍ لمؤسسات المجتمع الدولي، وللدول المؤثرة على خريطة المعمورة، وخاصة منها الدول الكبرى كروسيا والصين ومجموعة الاتحاد الأوروبي، حيث تستخدم واشنطن المجموعة الأخيرة كمجموعة ممولة فقط (عملاق اقتصادي وقزم سياسي).
طرح الخطة الملعونة والمسمومة «صفقة القرن» الآن، ومن الزاوية الأميركية، يجري على وقع محاكمة عزل الرئيس دونالد ترامب في مجلس الشيوخ الأميركي الذي تسيطر عليه أغلبية ديمقراطية في مواجهة الجمهوريين، ما يجعل المزامنة بين الحدثين أمراً يصعب تجاهله، لا سيما أن الرئيس دونالد ترامب كانت لديه فرص عديدة سابقة لإعلان تفاصيل خطته كاملة.
والمزامنة هنا هدفها واضح، ليس فقط التغطية على سير محاكمة العزل فقط للرئيس ترامب، بل والأهم كذلك دعم «إسرائيل» التي تمثّل قاسماً مشتركاً بين مكونات المؤسسة السياسية والأمنية الأميركية، خصوصاً مع الانتخابات التشريعية القادمة والمقررة في مارس المقبل في «إسرائيل»، وهي الجولة الثالثة في غضون عام، مصحوبة بأزمة سياسية وانقسام مجتمعي، يقدم الإعلان الكامل عن تلك الصفقة فرصة لترامب للتشويش على محاكمته، وخطوة نحو ضمان تأييد اللوبي الصهيوني في الداخل الأميركي.
إن الرئيس دونالد ترامب، يُقدم، وفي صفقته، وتوقيته في إعلانها، فرصة أكبر لنتنياهو لتثبيت زعامته أمام «الإسرائيليين»، باعتباره «الزعيم السياسي الذي يستطيع أن يجلب الأمن ويواجه التهديدات، ويفعل المستحيل من أجل بقاء إسرائيل كدولة مرهوبة الجانب، وتحصل على ما تريد من دون أي تنازلات». وبالتالي فرصة أكبر للفوز له ولحزبه الليكود في الانتخابات التشريعية القادمة في مارس 2020، وفرصة أكبر لتشكيل الحكومة الجديدة، والإفلات من شبح محاكمة قد تؤدي به إلى السجن بتهم الفساد.
إذاً، لا يقتصر الأمر عند الرئيس دونالد ترامب، على دعم نتانياهو فقط، وإنما لعب دور في تيسير تشكيل «الحكومة الإسرائيلية» المقبلة، من خلال حث الجنرال بيني غانتس رئيس حزب (أبيض أزرق) أو (كاحول/‏‏لافان)، والذي تمت دعوته هو الآخر للبيت الأبيض، على التعاون مع زعيم حزب الليكود نتانياهو في تشكيل الحكومة المُرتقبة في «إسرائيل» بعد الانتخابات المقبلة، استناداً إلى توقع عدم حدوث تغييرات كبرى في نتائج الانتخابات، وأنها غالباً ستكون مثل سابقتها مناصفة بين حزبي الليكود و(أبيض أزرق) (كاحول/‏‏لافان)، ولذا فالأفضل لهما أن يُشكلا معاً حكومة وحدة وطنية من وجهة نظر الإدارة الأميركية والطاقم المتصهين فيها، للتعامل مع تفاصيل الصفقة الأميركية، وتحديداً مع اعتراضات اليمين الاستيطاني المتطرف داخل دولة الاحتلال.
إن الرد على هذا المشروع يستدعي قلب الطاولة على الاحتلال، كما حدث في الانتفاضة الكبرى الأولى، والطريق إلى ذلك يتم في تعزيز النضال ضد الاحتلال وتفعيل المقاومة المشروعة بكل أشكالها الممكنة، وتوحيد كافة إطاراتها، والإسراع في إنهاء الانقسام الداخلي.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
30/01/2020
1864