+ A
A -
آمنة العبيدلي
انتهى معرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته الثلاثين وتحت شعار «أفلا تتفكرون»، ولابد من تقديم الشكر لكل من أدى دورا وقدم جهدا في تنظيم هذا المعرض، بصرف النظر عن حجم هذا الجهد، وأية ملاحظات لا تعني النيل من العمل الذي بُذل في تنظيم المعرض أو التقليل من شأنه، ولكنها نوع من التفاعل الفكري والثقافي، هذا التفاعل الذي يعد من النتائج الحتمية أو الأهداف الضرورية لإقامة معارض الكتب حول العالم وليس في قطر وحدها.
ومن الملاحظات التي لفتت الانتباه بقوة غلاء أسعار الكتاب بالمعرض، مما جعل الكثيرين يحجمون عن الشراء، ويتجهون إلى شبكة الانترنت للبحث عن الكتاب وتحميله مجانا أو بمقابل مادي زهيد لا يذكر، والدليل على أن الغلاء كان مفتعلا وليس نتيجة ظروف اقتصادية معينة أن بعضا من الكتب كانت موجودة في جناح ما بسعر وفي جناح آخر بسعر مختلف والفرق بين السعرين كبير، ولابد أن هذه الملاحظة قد وصلت إلى الجهة المعنية بتنظيم المعرض.
كنا نتمنى لو تم أخذ الكثير من الأمور في الاعتبار من جهة الأسعار، وخاصة كتب الأطفال التي بالغ العارضون في أسعارها، واضطرت الأسر إلى شرائها إرضاء لأطفالها لما تتسم به من عوامل جذب في تعدد الألوان ونوع الأوراق بصرف النظر عن القيمة الثقافية والفكرية للمحتوى، فالعارض رفع سعر كتاب الطفل بشكل مبالغ فيه، وهو مطمئن إلى أن ولي الأمر سوف يشتريه لا محالة نزولا عند رغبة وإلحاح أطفاله.
كنا نتمنى كذلك أن نجد آخر الإصدارات العالمية هي التي تتصدر المشهد في المعرض، كأحدث الكتب التي نالت أشهر الجوائز، وكتب الاختراعات والاكتشافات الحديثة والمواكبة لروح العصر المستشرفة للمستقبل، بدلا من هذا الكم الهائل من كتب الطبخ والأبراج، فدولة قطر أصبحت بما لا يحتمل الجدل دولة عصرية، تتطلع إلى ما هو أحدث وإلى ما يقود الفكر نحو المستقبل.
كنا نتمنى أن يكون الحراك الثقافي أكثر تفاعلا وأقوى مما شاهدنا من حيث الزخم الكمي والكيفي، ومن حيث قوة الموضوعات التي تجري مناقشتها، وتخصص المتحدثين فيها، إذ كادت أجواء المقاهي والأغاني والطرب والمأكولات تطغى على الجو الثقافي.
معارض الكتاب حول العالم لم تعد مجرد تجميع للكتب في مكان واحد لفترة معينة مع بعض الأنشطة، فهذه أصبحت وظيفة المكتبات، ولكن معارض الكتاب حول العالم أصبحت تعرض آخر ما توصل إليه الفكر الإنساني، وآخر ما جادت به قرائح المبدعين والمفكرين، وتناقش بعمق وبتحليل رصين الأحداث التي تجري على الساحة الكونية وأسبابها وتداعياتها والسبيل إلى تعميمها، وتعظيمها إن كانت إيجابية أو السبيل إلى الخروج منها وتجنب آثارها إذا كانت سلبية.
مما سمعنا من رواد المعرض أثناء التجول فيه قول البعض إذا كان هذا هو المستوى فنقترح أن يقام المعرض كل عامين أو ثلاثة أعوام، لأن دولة قطر أصبح لديها مكتبات نوعية عالمية وخاصة مكتبة قطر الوطنية تقوم بما هو أهم وأكبر من حيث تنوع الكتب ذات القيمة، والفائدة الكبرى للمحتوى ومن حيث قوة الفعاليات شكلا وموضوعا فخلقت مناخا ثقافيا صحيا مثاليا.
نؤكد مجددا قبل الختام أن هذه الملاحظات وغيرها لا يمكن أن تنال من حجم الجهد الكبير الذي بذل في تنظيم المعرض، فالكمال لله وحده، والله من وراء القصد.
copy short url   نسخ
22/01/2020
2858