+ A
A -
في سياقات النشأة الطافرة غير الطبيعية لدولة الاحتلال منذ العام 1948، والمشاكل البنيوية الكبرى تضرب أطنابها داخلها من قيامها حتى الآن. فهي دولة قامت بفعل العوامل الخارجية، واستمدت تبرير قيامها من رواية ميثولوجية، زودها الغرب الاستعماري بشحنات النجاح باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المشروع الاستعماري في المنطقة؛ لذلك ساهم بشكلٍ كبير في دفع قوافل الهجرة الاستعمارية اليهودية باتجاه فلسطين. لكن مستودع تلك الهجرات قد نضب وبدأ بالنفاد، وبدت تلك الهجرات بالشحة والتراجع.
ومؤخراً، كشفت معطيات جديدة «وزارة الداخلية الإسرائيلية» أن نسبة نحو 86% من المهاجرين اليهود إلى «إسرائيل»، منذ العام 2012، ليسوا مُعرّفين كيهود، حسبما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الناطقة باللغة العبرية. ويعني ذلك أن هؤلاء المهاجرين لا يمكنهم الزواج أو الطلاق في «إسرائيل» لأنهم مسجلون في وزارة الداخلية كمن ليس لا يعتنقون ديانة.
وتُشير المعطيات أيضاً، إلى أنه ومنذ مطلع العام 2012 وحتى أكتوبر 2019، وصل إلى فلسطين المحتلة «إسرائيل» ما مجموعه 179.849 مهاجراً، بموجب ما يسمى «قانون العودة» الصهيوني، الذي يسمح لليهود في أنحاء العالم بالهجرة إلى فلسطين المحتلة، والحصول على المواطنة في دولة الاحتلال، وعلى امتيازات أخرى، بينها امتيازات مالية تتعلق بالسكن وتأمين المنزل والرعاية الصحية والاجتماعية. وخلال تلك الفترة هاجر من روسيا إلى فلسطين المحتلة نحو 52.337 مهاجراً، بينهم 4.3% يهود، وهاجر من أوكرانيا 37.958 شخصاً وبينهم 8% يهود، وهاجر من فرنسا 28.676 شخصاً بينهم 27% يهود، وهاجر من الولايات المتحدة 18.272 شخصاً بينهم 30% يهود.
لكن تلك المعطيات، تُشير في جانبٍ هامٍ منها، إلى أن نحو 14%، أي 25.375 مهاجراً، من هؤلاء هم يهود، ووصفتهم الصحيفة أنهم «من أبناء الشعب اليهودي»، بينما تم تسجيل 86%، أي 154.474 مهاجراً، كمن لا ديانة لهم أو أنهم يعتنقون ديانات أخرى وهاجروا إلى «إسرائيل» كونهم من نسل أزواج أحد الوالدين فيهم يهوديا.
ونُشير في هذا المجال، إلى أنه وفقاً لما يسمى «قانون العودة» «الإسرائيلي الصهيوني»، فإنه يحق لأي شخص وُلد لأم يهودية أو أنه تهود بالهجرة إلى «إسرائيل». وأضاف الكنيست «بند الحفيد» إلى هذا القانون، الذي ينص على أن «الحق بالهجرة» يشمل أولاد وأحفاد «المستحقين الأصليين وأزواج مجمل المستحقين».
ووفق مصادر «إسرائيلية»، فهناك خلاف في «إسرائيل» حول «بند الحفيد»، ففيما يدعي مؤيدو هذا البند أن هؤلاء ينتمون «للشعب اليهودي» وأنه تمت ملاحقتهم لهذا السبب رغم أن الشريعة اليهودية لا تعترف بيهوديتهم، يعتبر معارضو هذا البند أن استيعابهم كمواطنين في «إسرائيل سيغرق الدولة بالغرباء» ويؤدي إلى زواج مختلط في المستقبل.
الجدير بالإشارة أن قرابة نصف المهاجرين إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي السابق، في التسعينيات، وعددهم حوالي مليون مهاجر، مسجلون في «وزارة الداخلية الإسرائيلية» أن ديانتهم ليست يهودية، وهذا الواقع هو أحد أبرز أسباب الأزمة السياسية الحاصل في «إسرائيل» والمتمثلة بالفشل في تشكيل حكومة بعد جولتي انتخابات للكنيست، والتوجه الآن إلى انتخابات ثالثة، وذلك إثر رفض رئيس حزب اليهود القادمين من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق «إسرائيل بيتنا»، أفيغدور ليبرمان، الانضمام إلى حكومة برئاسة بنيامين نتانياهو، بسبب موقف حلفاء الأخير في الأحزاب الحريدية لمطالب ليبرمان، بالتهود عن طريق حاخامات في المدن وليس بواسطة الحاخامية الرئيسية، ورفض الحريديين للزواج المدني.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
02/01/2020
1975