+ A
A -
مـرت خـلال الأيـام الماضيـة ثلاث مناسـبات، أشـار بعضهـم إلى الأولى في عجالة، ولم تحظ الأخريان بأي إشارة.
في العاشر من هذا الشـهر كانت الذكرى 71 للإعلان العالمي لحقوق الإنسـان، ويبدو أن الجميع باتوا مقتنعين بأن الحديث عن هذه الحقوق في معظم دولنا العربية ترف لا نملكه، أما المطالبة بهـا فأمر يدعو إلى الضحك. عن أي حقوق نتحدث ونحن في قمة الدول في الفساد، وفي ذيل قائمـة الدول في الشـفافية، ولا يجرؤ أحد على فتح فمه إلا ليتثاءب أو عند طبيب الأسنان، فما بالكم بالحديث عن حرية الرأي والتعبير والتظاهر، وأن الناس متسـاوون أمام القانون، وأن المتهـم بريء حتى تثـبت إدانته، وعـن حريـة التقاضي أمام المحاكم وغير ذلك؟
الثانيـة كانت في اليـوم نفـسـه 10/12 وهي الذكرى 821 لوفـاة ابن رشـد الفيلسـوف والطبيـب والفـقيه والقـاضي والفلكي والفيزيائي الأندلسـي العربي المسـلم، صاحـب الفضل الكبير على الغرب الذي تعلم من ابن رشد فلسفة أرسطو، ويكفي ما قاله جورج سـارتون أبو تاريخ العلوم: «ترجع عـظمة ابن رشـد إلى الرجة الهائلـة التي أحدثها في عقول الرجال. وقد يصل تاريخ الرشدية إلى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وهي فـترة من أربعـة قرون تسـتحق أن يطلق عـليها العـصور الوسـطى، لأنها كانت مرحلة انتـقالية حقـيقية بين الأسـاليـب القديمة والحديثة» وكان ابن رشـد حـقاً الصورة الزاهية للعقل العربي في أوج تألقه بعد مرحلة الترجمة، ولا نستغرب أن تمر مثل هذه الذكرى دون أي اهـتمام، فالعقل العربي والمسـلم مغيب ومهمش منذ ابن رشـد وقبله، وإذا كان القديس توما الإكويني أبرز منظري الأفلاطونية الحديثة تلميذاً لابن رشد، فإن تلامذته العرب لم يسـتفيدوا من عـلمه الذي أفاد منه الغرب كثيراً. لقد كان ابن رشـد داعية العقل وليس في العالم العـربي والإسلامي أي مكان للعقـل، وليس من أمة تحجر على العقل كهذه الأمة.
المناسـبة الثالثـة هي اليوم العالـمي لـلضحـك في 11/12 وقد احتـفل به أول مرة عام 1998في مومباي- الهند، ونظمه الدكتور مادان كاتاريا مؤسس حركة يوغا الضحك، ثم انـتشـرت الحركة، وتأسـست نواد للضحـك في أكثر من 50 دولة، من بينها ألمانيا التي تضم 60 نادياً لمـمارسـة هواية الضحك، تحت شعار «السلام العالمي عن طريق الضحك» وقال أنصاره: الضحك يدرب على التنفس الطبيعي ويمنح الجسم مزيداً من الأوكسجين واندفاعاً أسهل للدم في الشرايين؛ إضافة إلى أنه يعكس فرحة الروح وشجاعة النفس والقوة الكامنة للتغلب على المعاناة، أما نحن، فإن الضحك في حياتنا ضحك كالبكا.
بقلم: نزار عابدين
copy short url   نسخ
16/12/2019
1672