+ A
A -
أسعدني كثيرا هذا التفاعل الكبير من الطلاب مع المبادرة الجميلة «تجميل قطر وعيالنا يزرعون شجرة» فلم يزرعوا شجرة واحدة، بل زرعوا آلاف الأشجار التي تزيد قطر جمالا على جمال، وانتعاشا على انتعاش، ومن اللافت في هذه المبادرة ذلك التنسيق الإيجابي والمطلوب بين لجنة الإشراف على تجميل الطرق والأماكن العامة من جهة ووزارة التعليم والتعليم العالي من جهة أخرى، فالدول المتقدمة دائما ما تربط التعليم بحاجة المجتمع، والحقيقة أن من أهم ما يحتاجه المجتمع القطري تنمية ثقافة الزراعة، وهي ما أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث لا يزال يتردد صداه في جنبات الزمان حتى اليوم، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها».
اللون الأخضر يريح النظر، وينمي الحس الجمالي، ويعدل المزاج، ويشيع البهجة في النفس، ويلطف من حرارة الجو، فضلا عن أنه يعكس صورة إيجابية عن أهل المكان، وعمن قاموا بتخضير الأرض، وخصوصا عندما يكتمل نمو الأشجار، وتتفتح على أغصانها الأزهار، وتنبعث منها الروائح الجميلة مع النسمات العليلة، كما أنها تحسن نوعية الماء وتنقي الهواء، لأنها تمتص الملوثات، وتعتبر مصدات للرياح، فتعترض بذلك الغبار والجسيمات الصغيرة، وتنتج الأكسجين، وتقلل مستوى تآكل طبقة الأوزون، وتقلل من تركيز غازات الدفيئة في الجو التي تضر بالإنسان وبكل ما هو كائن حي، وذلك بأخذها لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتخزينه في أخشابها في عملية تسمى علميا «حبس الكربون»، وهذا يمنع قسوة المناخ، وتقلل من ظاهرة الطقس الحار شديد السخونة، لأن الأشجار تُعدّ رئة كوكب الأرض، فأي جمال بيئي بعد هذا الجمال الذي تمنحه لنا الأشجار. نأمل من كل مواطن ومقيم أن يتفاعل إيجابا مع هذه المبادرة، والتفاعل له أوجه كثيرة، فمن لم يشارك بزرع شجرة عليه أن يحيِّي هذه الجهود المشكورة بالكلمة الطيبة، وعليه أن يحافظ على هذه الأشجار من عبث البعض، إذ يحلو لقلة من الناس أحيانا قطع الأغصان ونثر الأوراق، أو ترك المخلفات تحت الأشجار مما يوقف نموها ويسبب لها الأذى، علينا أن نتعامل بالسلوك الحضاري مع بيئتنا، ببرها وبحرها، بشمسها وظلها، في ليلها ونهارها. وإن شاء الله نرى هذا الغرس وقد نما ونرى قطر الأجمل دائما وقد اكتست بالحلة الخضراء.
بقلم: آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
13/11/2019
2250