+ A
A -
إن قادة حزب الليكود، المنحازين لقوى «اليمين التوراتي»، الذين يعتبرون تلك القوى ذخراً تكتيكياً لهم في أي تشكيلة حكومية، بل وحلفاء طبيعيون، يعتقدون بأن أفيغدور ليبرمان (اليهودي المولدافي الأصل) الرجل الأكثر مسؤولية عن شل النظام السياسي في «إسرائيل». بل ويعتقدون بأنه يتوافق مع حزب (كاحول/لافان) أكثر من توافقه مع حزب الليكود، ويعمل تحقيق عملية اغتيال وتصفية سياسية لــ بنيامين نتانياهو، واقصاء لحزب الليكود بدافع الانتقام الشخصي، والرغبة في تحطيم حزب الليكود. فيما يعمل نتانياهو في رده على ليبرمان على تحشيد حزب الليكود، وجمهوره، خلف سياساته، رافعاً شعاره المُعلن «لا توجد حكومة في هذه الكنيست دون حزب الليكود، ولا يوجد حزب ليكود دون نتانياهو». إن قوى اليمين التوراتي، من الحريديم، والأحزاب التبشيرية التوراتية، والتي استطاعت ايصال عدد لابأس به من المندوبين إلى الكنيست في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، ومنها (حزب اليمين الجديد)، برئاسة (نفتالي بينت)، وحزب شاس برئاسة أرييه درعي، وحزب يهوديت هاتوراه، تدعم إنشاء حكومة وحدة وطنية واسعة تقوم على التناوب بين حزبي الليكود وحزب (كاحول/لافان)، أي بين بنيامين نتانياهو والجنرال بيني غانتس، بحيث يكون نتانياهو أول من يَشغل منصب رئيس الوزراء لسنتين، ويليه غانتس في الفترة التالية من المناصفة الزمنية لهما. فقوى اليمين التوراتي تدرك بأن هناك صعوبات تعترض انجاز مهمة تشكيل حكومة إئتلافية بقيادة نتانياهو، بل وتعتقد بأن «شعب إسرائيل» لن يغفر لمن يقودون البلاد إلى انتخابات برلمانية تشريعية ثالثة، تحدث لأول مرة في تاريخ الدولة العبرية الصهيونية منذ قيامها على ارض فلسطين العربية عام 1948؛ لذلك وفي ظل الظروف التي نشأت على ضوء معطيات ونتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة، فإن تلك القوى ترى الحل الأمثل بتشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة بقيادة نتانياهو وغانتس في أقرب وقتٍ مُمكن، وقد وافق نتانياهو بالفعل على تلك الفكرة، لكن الجنرال بيني غانتس وحزبه لم يوافق بعد. لذلك ليس مفاجئاً أن تتسرب المعلومات المؤكدة التي تقول بوجود اتصالات نشطة من قبل أحزاب اليمين التوراتي «وخاصة (حزب شاس) بقيادة أريه درعي، وحزب (اليمين الجديد) بقيادة (نفتالي بينت)، وحزب يهوديت هتوراه، واطراف أخرى من معسكر اليمين والحريديم، مع حزب (كاحول/لافان) (أزرق/أبيض) في محاولة لتقليص الفوارق بين بنيامين نتانياهو والجنرال بيني غانتس للوصول لوحدة ائتلافية بين هذين الحزبين الكبيرين في الكنيست، بحيث تكون تلك القوى التوراتية منضوية في إطار حكومة الوحدة الإئتلافية خشية أن»تخرج من المولد بلاحمّص». أخيراً، إن التوجه لانتخابات برلمانية ثالثة في «إسرائيل» أمرٌ وارد، حال استمر واقع الاستعصاء في تشكيل حكومة جديدة، حيث مازال اقطاب حزب (كاحول/لافان) يصنفون بنيامين نتانياهو كمذنب، وفاسد، متسلحين بعمل وتحقيقات جهاز القضاء، وبالتالي فقد انتهى دوره السياسي من وجهة نظرهم، ولابد من استبداله، وهو ما يُشكّل ضربة ساحقة لمعسكر اليمين الحريدي التوراتي كله، ليغدو زعيم اليمين، وتحديداً حزب الليكود، الذي سيخلفه عاقراً وخائفاً من وسائل الإعلام وجهاز القضاء على حد تعبير بعض الساسة «الإسرائيليين».


علي بدوان
كاتب فلسطيني
copy short url   نسخ
25/10/2019
1698