+ A
A -
تحقيق – آمنة العبيدلي
بات العالم كله يشكو من ظاهرة التنمر بين طلاب المدارس ويعاني من تداعياتها، ويبحث المهتمون بدور الأسرة في المجتمع والمؤسسات التربوية وطرق تنشئة الأجيال سبل علاجها لخطورتها، وذلك في كل الدول منذ وقت طويل، وتضطر الجهات المعنية بأمن المجتمعات وبتطبيق القانون إلى التدخل في كثير من الأحيان، وتلقى تلك الظاهرة اهتماما غير عادي من الباحثين في قضايا ومشكلات التربية والتعليم في جميع أنحاء العالم، حيث إن هذه المشكلة تعتبر سببا هاما ومؤثرا في تعثر الكثير من الطلاب دراسيا. ومجتمعاتنا العربية جزء من العالم، فهي إذن ليست استثناء، فتقع في بعض مدارسنا حالات مشابهة، وإن كانت قليلة مقارنة بالدول الأخرى، ولذا فنحن في حاجة إلى التصدي لها؛ لأنها تدفع ببعض الطلاب إلى كراهية المدرسة والدراسة وتركها بالكلية. وظاهرة العنف الشديد هذه بين الطلاب في المدارس بلغت حدا من التوحش، لدرجة أن العالم الغربي، خاصة في أميركا وبريطانيا أعطاها اسما وتوصيفا جديدا هو «ظاهرة التنمر». من جانبنا، نحن في الوطن قررنا الاسترشاد بآراء بعض أولياء الأمور بعد ظهور حالة في مجتمعنا، مساهمة منّا مع الجهات المسؤولة والمعنية في السعي إلى عدم تكرارها.

الألعاب الإلكترونية العنيفة تقوي هذا السلوك
السيد خليفة العمادي أكد على أن ما حدث في مجتمعنا القطري لا يبعث على القلق، هي حالات فردية وسيتم معالجتها، لكن علينا كأولياء أمور ومؤسسات تعليمية وتربوية، ومن خلال خطباء المساجد، أن نلقي الضوء على قيمة الأخلاق الفاضلة، وأنها يجب أن تكون صفة أساسية للجميع، وفي المقدمة طلاب المدارس، وبيان أن الأخلاق لا تقل أهمية عن العلم، فالعلم بدون أخلاق قد يضر، لكن الأخلاق لا يمكن لها أبدا أن تضر.
وأضاف قائلا: لقد اطلعت كثيرا في مواقع لشبكة الإنترنت على أسباب وجود مثل هذه الحالات، والأسباب كثيرة، منها اعتياد كثير من الطلاب على قضاء الساعات الطوال في ممارسة ألعاب إلكترونية عنيفة وفاسدة على أجهزة الهواتف الذكية الموجودة مع كل واحد الآن وعلى الحواسيب، التي تقوم فكرتها الأساسية والوحيدة على مفاهيم مثل القوة الخارقة وسحق الخصوم واستخدام كافة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار دون أي هدف تربوي، دونما اهتمام من الأهل أو خوف على المستقبل النفسي لهؤلاء الأبناء، الذين يعتبرون الحياة استكمالا لهذه المباريات، فتقوى عندهم النزعة العدائية لغيرهم، فيمارسون بها حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم والمحيطين بهم بنفس الكيفية، وهذا مكمن خطر شديد وينبغي على الأسرة بشكل خاص عدم السماح بتقوقع الأبناء على هذه الألعاب والحد من وجودها، وكذلك بعض الأفلام التليفزيونية مضرة.

المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة
قال السيد علي المري إن المسؤولية هنا مشتركة بين الأسرة والمدرسة، فالمدرسة يجب عليها أن تنظم محاضرات أو تخصص حصصا معينة تحث على الأخلاق الفاضلة والحب بين الطلاب، وأما بالنسبة للأسرة فلابد أن يراجعوا أنفسهم جيدا وأن ينتبهوا لأبنائهم ولسلوكياتهم في المدارس أو النوادي وفي كل التجمعات حتى لا يمارس أبناؤهم ذلك العبث المشين، وكذلك يجب على المربين في المدارس أن يرصدوا تلك الظاهرة ويتابعوها متابعة فعالة وواقعية وصحيحة وواعية حتى يمكنهم اتخاذ الحلول لها في الجانبين، جانب المعتدي وجانب المعتدى عليه.
وكذلك يجب على الأسر أيضا أن تتابع أبناءها إن وجدوا عليهم علامات مثل عدم الرغبة في الذهاب للمدارس أو تأخر مفاجئ في مستواهم الدراسي أو وجود آلام أو جروح أو إصابات في أجسامهم أو أي انكسار في شخصياتهم أو انزواء نفسي وميل للعزلة حتى في المنزل فيعرفوا من هذه الأعراض أن ابنهم وقع فريسة للتنمر، فيجب عليهم طمأنة أبنائهم وسؤالهم والاستفسار منهم حول أسباب ذلك باللطف واللين حتى يتبينوا حقيقة وأسباب تلك الأعراض، فقد يكون أبناؤهم قد تعرضوا للقمع المدرسي أو التنمر من قبل أقرانهم، والأهل غافلون لا يشعرون بذلك، بل قد يهاجم الأهل أبناءهم الضحايا ويتهمونهم بأنهم لا يقومون بواجباتهم الدراسية أو أنهم مدللون لا يتحملون المسؤولية، فتكون الآلام مضاعفة على أبنائهم، فيجب عليهم القيام بواجباتهم ولا يُقصِرون متابعة أبنائهم دراسيا فقط على السؤال عن درجاتهم في الامتحانات السنوية أو الدورية.

الدراسة المنزلية للطلاب كبار السن أفضل
قال السيد جابر الشاوي نلاحظ كثيرا في المدارس طلابا كبارا في السن مع طلاب يصغرونهم كثيرا داخل الفصل الواحد، والسبب أن هؤلاء الطلاب الكبار في السن قد كرروا مرات الرسوب، وفي رأيي الشخصي يجب أن تكون هناك إجراءات تربوية وتعليمية مع من يكرر الرسوب أكثر من مرة، بأن يتم تحويله للدراسة المنزلية، لأن بقاءه بين طلاب أصغر منه سنا يشكل خطرا عليهم، بأن يمارس العنف ضدهم، أو يخضعهم لسلطته أو يفترسهم وأشياء من هذا القبيل. وأضاف قائلا: لابد للمدرسة أن يكون لها دور في الحد من أي مشكلة تظهر لأن الأولاد في المدرسة بعيدون عن رقابة الأسرة وهنا تقع المسؤولية على المدرسة، لابد أن يكون بها مراقبون يراقبون سلوك الطلاب ومتخصصون في علم النفس، والطالب الذي تبدو عليه أعراض التنمر يتم إبلاغ أهله وتحذيرهم بأن عليهم مسؤولية كبيرة في تقويم سلوك ابنهم.
ولابد من ان يتم توفير كاميرات مراقبة في المدارس داخلها وخارجها.

تخصيص وقت للحديث عن الأخلاق
قال السيد يوسف العبيدلي: إن مجتمعنا القطري له منظومة أخلاقية من شأنها عدم انتشار ظاهرة عنف أو تنمر الطلاب في المدارس، وإن كان الأمر لا يسلم من حالات فردية، وفي تقديري أن علاجها سهل وميسور، ومن سبل العلاج تنظيم جولات أسبوعية توعوية من أي حصة، تحث على الأخلاق الحميدة، وعلى ضرورة تعزيز الحب والود والتعاون والتفاهم بين الطلاب، فكل طالب ينظر إلى زميله على أنه رفيق درب في تحصيل العلم، وأنهم في طاعة الله طول ما هم داخل المدرسة، والحديث عن السعي في الخير بين الطلاب، يعني لو أن طالبا ما لاحظ عدم انسجام بين اثنين من زملائه، يسعى في التوفيق والصلح بينهما، فهم داخل الفصل أو المدرسة أسرة واحدة.
واستطرد قائلا: أتمنى أن يستقطع من كل حصة عشرة دقائق للحديث عن قيمة الأخلاق في حياتنا، وأن تكون الأخلاق الرفيعة موضوعات يكتبها الطلاب في بحوثهم، وكذلك موضوعات حول ضرورة الحفاظ على الصلوات، لأنها تهذب النفوس وتقوي الإيمان وتطهر القلوب من الأحقاد والضغائن.

علينا مراقبة سلوك الطلاب داخل المدرسة
قال السيد سالم بن شافعه: الحمد لله هذه المشكلة لم تصل في مجتمعنا القطري إلى مستوى الظاهرة، وإنما هي حالات فردية قليلة، لا تشكل قلقا، لكن علينا أن نتصدى لها كمجتمع حتى نحاصرها قبل أن تتسع، وهناك الكثير من الطرق في مقدمتها رقابة سلوك الأطفال في المدارس، فالطالب الذي تبدو عليه أعراض أو علامات التنمر أو العنف يجب على الفور التعامل معه بطريقة علمية من خلال دراسة حالته وبيئته للوقوف على العلاج المناسب له، أيا كان هذا العلاج، حتى لو وصل الأمر إلى فصله من الدراسة إذا كان وجوده بها سيعوق مسيرة زملائه التعليمية.
وأضاف أن العالم به العديد من الدول التي تعاني من هذه الظاهرة ونحاول الاطلاع على تجارب الدول التي حاصرتها ونستفيد منها، أيضا لابد من تفعيل دور الأخصائيين الاجتماعيين والمتخصصين في علم النفس في إطار معالجة هذه المشكلة، فمن المؤكد أن هؤلاء لديهم حلول علمية مفيدة.
copy short url   نسخ
06/10/2019
3945