+ A
A -
إن خبراء القطاع الاقتصادي موجودون بداخل السودان وخارجه، والأمر يحتاج حاليا إلى تنسيق متكامل تسهم فيه كافة الكوادر السودانية المتخصصة في القطاع الاقتصادي لتشارك بفاعلية في رسم خطط على المستويين قصير الأجل وطويل الأجل بما يحقق الانطلاقة الاقتصادية المنشودة.
إن المعطيات عن واقع اقتصاد السودان خلال عقود ما بعد الاستقلال تتضمن إشارات عديدة، منها أن السودان كان يعتمد بشكل أساسي على القطاع الزراعي واستغلال الموارد الزراعية لتسهم في تحقيق العائدات الاقتصادية الكبيرة لخزينة الدولة، ومن ذلك الاعتماد لوقت طويل على مشروع كان رائدا ومهما هو مشروع الجزيرة في وسط السودانين خصوصا عبر زراعة محصول القطن، وارتبط ذلك الأمر بتصدير القطن بعد حلجه وإعداده للدخول في دورة التصنيع بقطاعات الغزل والنسيج في مصانع في القارة الأوروبية، وكان القطن يلقب بـ «الذهب الأبيض» في أدبيات الاقتصاد السوداني، وأسهمت بعض القطاعات التي كانت في جاهزية عالية مثل قطاع السكك الحديدية، عبر عاصمته (عطبرة)، في توفير بنيات تحتية متكاملة يسرت تصدير محصول القطن بعد حلجه بالمحالج الرئيسية في مشروع الجزيرة.
إن هنالك مستجدات بدأت تدخل في أدبيات الاقتصاد السوداني تدريجيا منذ منتصف الثمانينيات، ويتمثل ذلك في اكتشاف البترول ببعض المناطق في وسط وغرب وجنوب السودان، ثم بدأ الاستغلال الحقيقي للبترول وأدى ذلك إلى عائدات اقتصادية بالغة الأهمية، لكن تلك المعطيات المهمة فقدت على الساحة الوطنية السودانية نتيجة لاختيار سكان جنوب السودان إنشاء دولتهم المستقلة عن الوطن الأم (السودان) بموجب اتفاق نيفاشا الذي منح أهل الجنوب الفرصة للاستفتاء لتقرير المصير.
بعد انفصال الجنوب ظهر مستجد آخر متمثلا في اكتشافات الذهب، لكن يمكن القول عموما إن مجمل النقاط الإيجابية الجديدة المتعلقة بدخول النفط والذهب ضمن الثروات السودانية وما يبعثه ذلك من آمال وتطلعات كبيرة على الأصعدة الاجتماعية، تأثرت بواقع استمرار الحروب الأهلية، حيث إن أزمة دارفور وما رافقها من صراع مسلح منذ عام 2003 حتى الآن، وتجدد الحرب بجنوب كردفان (منطقة جبال النوبة) والنيل الأزرق وهو صراع لم ينته بعد، كل ذلك ألقى بظلال سلبية على الاقتصاد السوداني وقطاعاته المختلفة.
لا بد من الإشارة أيضا إلى أن تدهورا كبيرا حدث لأهم المشروعات التنموية في السودان وهو مشروع الجزيرة، وذلك أمر يجب أن تنعقد بشأنه مؤتمرات وورشات عمل متعددة لبحث جوانبه المختلفة وتحديد ما يمكن فعله بالتدريج لاعادة الألق الاقتصادي لمشروع الجزيرة.
إن هنالك قطاعات مثل النقل السككي قد تدهورت بدورها، وهي ايضا بانتظار دراسات المتخصصين ليقولوا كلمتهم بشأن كيفية إيجاد الحلول للمشاكل الراهنة المرتبطة بتلك القطاعات، في ظل ما حدث منذ الاستقلال حتى الآن من وقوع السودان تحت قبضة أنظمة ديكتاتورية، مما ادى إلى تدهور اقتصادي بمشروعات عديدة منتجة على امتداد السودان كله.حاليا وفي ظل النظام الديمقراطي الجديد بالسودان تتجدد التطلعات بإمكانية وضع رؤى اقتصادية تيسر للسودان انتقالا اقتصاديا متدرجا نحو مدارج الانطلاقة الاقتصادية الكبيرة .
بقلم: جمال عدوي
copy short url   نسخ
06/10/2019
1522