+ A
A -
إن التفاؤل يظل سيد الموقف على الساحة السودانية، في التوقيت السياسي الراهن، الزاخر بمتغيرات جديدة، بينما تتكثف الكثير من التحديات وفي مقدمتها تحديات الواقع الاقتصادي.
إن من بين أهم المنطلقات التي يمكن أن تيسر تحقيق الكثير من تطلعات الشارع السوداني الآن، ضرورة اعتماد الخطط العلمية السليمة في كافة المجالات إعمالا لأهمية انتهاج نهج احترام التخصص.
في الواقع الاقتصادي تحديدا لا بد من أن يستفيد السودان حاليا من العقول الاقتصادية الوطنية من كل الأجيال في استعادة كل ما زخر به التاريخ الاقتصادي السوادني من عزم أكيد على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإطلاق خطط النهضة الاقتصادية الشاملة على أسس علمية متينة.
إن الواقع السوداني الجديد ينتظر تفعيل خطط علمية مدروسة بكافة القطاعات الحيوية للاقتصاد السوداني، وهو أمر يتطلب جهودا فاعلة يقودها المتخصصون في الاقتصاد بشكل عام، والمتخصيون بالقطاعات الفرعية ضمن أقطاب الاقتصاد ومحاوره الجوهرية بشكل خاص.
إن مسارات الاقتصاد السوداني عبر العقود المتتالية منذ الاستقلال الوطني في أول يناير من عام 1956 حتى الآن، يجدر دراستها وإعداد خطط علمية فاعلة بشأنها.
إن خبراء القطاع الاقتصادي موجودون بداخل السودان وخارجه، والأمر يحتاج حاليا إلى تنسيق متكامل تسهم فيه كافة الكوادر السودانية المتخصصة في القطاع الاقتصادي، لتشارك بفاعلية في رسم خطط على المستويين قصير الأجل وطويل الأجل بما يحقق الانطلاقة الاقتصادية المنشودة.
مما هو معلوم -بصفة عامة- عن واقع اقتصاد السودان خلال عقود ما بعد الاستقلال يتضمن إشارات عديدة، منها أن السودان كان يعتمد بشكل أساسي على القطاع الزراعي واستغلال الموارد الزراعية لتسهم في تحقيق العائدات الاقتصادية الكبيرة لخزينة الدولة، ومن ذلك الاعتماد لوقت طويل على مشروع كان رائداً ومهماً هو مشروع الجزيرة في وسط السودانين خصوصا عبر زراعة محصول القطن، وارتبط ذلك الأمر بتصدير القطن بعد حلجه وإعداده للدخول في دورة التصنيع بقطاعات الغزل والنسيج في مصانع في القارة الأوروبية، وكان القطن يلقب بـ «الذهب الأبيض» في أدبيات الاقتصاد السوداني. وأسهمت بعض القطاعات التي كانت في جاهزية عالية، مثل قطاع السكك الحديدية عبر عاصمته (عطبرة)، في توفير بنيات تحتية متكاملة يسرت تصدير محصول القطن بعد حلجه بالمحالج الرئيسية في مشروع الجزيرة.
إن هنالك مستجدات بدأت تدخل في أدبيات الاقتصاد السوداني تدريجيا منذ منتصف الثمانينات، ويتمثل ذلك في اكتشاف البترول ببعض المناطق في وسط وغرب وجنوب السودان، ثم بدأ الاستغلال الحقيقي للبترول، وأدى ذلك إلى عائدات اقتصادية بالغة الأهمية، لكن تلك المعطيات المهمة فقدت على الساحة الوطنية السودانية نتيجة لاختيار سكان جنوب السودان إنشاء دولتهم المستقلة عن الوطن الأم (السودان) بموجب اتفاق نيفاشا.
بقلم: جمال عدوي
copy short url   نسخ
04/10/2019
1617