+ A
A -
البداية:

«غالبًا.. عاطفة البدايات لا تكذب»

متن:

في مناسبة خاصة.. التقي صديقي

برفقته ثلاثة من أقربائه

أُحب الأول

أكره الثاني

وتبرد مشاعري تجاه الثالث

رغم أنهم يقفون على خط واحد بمسطرة اللقاء الأول.

ثلاثتهم حملة شهادات.. وبنفس العمر ومن ذات البيئة ويتشاركون الدم والاسم

ولم أجد تفسيرا لتلك المشاعر التي تكونت بسرعة تفوق سرعة الضوء.. أو حتى أفهم لماذا كانت انطباعاتي تتخذ هذا الشكل تجاه أشخاص قد أكون.. لا أعرفهم.

الأمر ليس لأن الأول محترم والثاني وقح

ولا ميزان الذكاء والغباء رجّح أحدهم على الآخر

وقد أفهم لو أن الغرور طغى على حديث آخرهم في حين تواضع أولهم.

لكن الأمر مختلف.. قد يتساوون بكل شيء لكن هو القلب والروح عندما تألف الشخص وتحبه لسبب.. لا تفهمه

وهذا ليس له تفسير

في مدينة «لوس أنجلوس» الصاخبة المليئة بكل معطيات الحياة.

كانت بداية دراستي بالغربة حيث ضجيج البشر والشوارع المتزينة بالألوان

ومع ذلك لم تبهرني المدينة.. ولا وجوه البشر من كل الجنسيات.

ومن الأسبوع الأول أخبرت أستاذي بأني لم أحب المدينة..

ولا أحتاج لوقت حتى أُكذّب انطباعي

هو شعور حقيقي وثابت وغير قابل للتغير

قد تكون هذه المدينة مفيدة للسياحة،

التقاط الصور والتمرد على هدوء الذات

لكنها غير نافعة لشخص معقد «غالبًا» في مشاعره...

ويفسر الأشياء بشكل مختلف

ولأني لست شجرة ذات جذور ثابتة.. غيرت المكان بعد شهر واحد من الدراسة

ذهبت لـولاية مونتانا الريفية والتي تقع بأقصى الشمال.

عشت بقرية صغيرة لا يوجد بها إلا مجمع تجاري واحد،

أنهارها تجري بكل أنحاء المنطقة

جبالها خضراء والهدوء سمة أهلها

لم تكن يومًا مقصد لطالب أو سائح

ومع ذلك.. عشقتها

حياة القرى أجمل من صخب المدن.. نعم هذا ما أبحث عنه...

ولا أستطيع إيضاح علامات التعجب عندما يُذهل كل من ألتقيه عن سبب الذهاب إليها

سوى أن مشاعري أرادت ذلك.. وسايرتها

وهذه أيضًا مشاعر.. ليس لها تفسير

في أسبانيا وجدت رجلا في شارع الرامبلا الشهير

يصبغ نفسه باللون النحاسي ويقف كالجماد لا يتحرك

حتى تضع النقود بتلك القبعة الصغيرة أمامه

فيبدأ بالتحرك ويصدر أصوات مضحكة

الناس تلتقط له الصور

وصوت ضحكاتهم يملأ المكان

الكل يمر عليه لدقيقة ويمضي

إلا أنا وقفت أمامه أتأمل المشهد

وأتساءل:

يا ترى..

مالذي يُجبر شخص على الوقوف كالجماد ساكنًا طوال اليوم بهذا الشكل المُتعب والمُرهق مقابل نقود قليلة!

كيف كانت حياته؟

أين عاش؟

وأين يسكن؟

لماذا لم يحصل على وظيفة؟

هل تعلم مثلنا بالمدارس؟

وقائمة طويلة من اسئلتي الغبية،

لا أعرف لماذا أنا الوحيد الذي لم يفرح بما يفعله

ولا أفهم لماذا لم أعش اللحظة كما عاشها الجميع

حتى أصدقائي كانوا كالبقية،

ضحكوا على ما يفعله والتقطوا الصور وأكملوا نقاشهم حول المباراة القادمة بين برشلونة وإسبانيول!

بينما احتجت وقتا ليس بالطويل حتى انتزع هذا الرجل من دائرة تفكيري

وهذه أيضًا.. مشاعر ليس لها تفسير

في الحياة..

ستجد مشاعر كثيرة تتكون بلاسبب

لا تجتهد للتنظير.. ولا تبحث عن تفسير

دعها.. وساير عاطفتك

لا تحاول توضيح كل أمر..

حتى انطباعاتك الأولى تجاه الأشخاص والأشياء واللحظات

إن لم تصدقها.. لا تكذبها

اجعلها في منتصف القرار

بين الريبة واليقين

واترك الوقت يُثبت لك ما تريد

ومشاعرك الحقيقية.. مهما كانت مبهمة في ضباب البدايات

ستتضح رؤياها.. فقط خض التجربة وانتظر.. ولا تجتهد بالتفسير

إضاءة:

ولأن زوايا الرؤية مختلفة بين البشر.. شاهد الأمور من زاوية قناعتك

آخر السطر:

مهوب كل ماهبُّوا الناس بشي يا فهيد تتبعهم.. فهمت!



بقلم : دويع العجمي

copy short url   نسخ
01/03/2016
1771