+ A
A -
مبدئيا فالله هو الرزاق ذو القوة المتين، وطالما سبحانه وتعالى هو الرزاق فلا يليق بمؤمن أن يخشى من فوات الرزق، ولا يتملكه القلق على الرزق، لأن الضامن له هو الله، صحيح أننا نرى كثيرا من الناس في أي مكان على كوكب الأرض قد ضاقت بهم الحال، بسبب ظروف اقتصادية أو تفشي البطالة، أو لسبب ما وما أكثر تلك الأسباب، لكن يجب أن يبقى باب الأمل دائما مفتوحا، والسعي على الرزق دائما مطلوبا، كما يجب أن تسود روح التعاون، فإن الناس أحوج ما تكون إلى تعزيز هذه الروح؛ روح العطاء والشعور بالمسؤولية تجاه من يعانون، ورفع روحهم المعنوية حتى لو بكلمة تبعث في نفوسهم الأمل والرجاء، وتعزيز التعاون داخل المجتمع يحميه من زيادة عدد المحتاجين، ففي الدول التي يغيب فيها التعاون، يتفاقم الوضع الاقتصادي والمعيشي لشعوبها، ويزداد الفقراء فقرا والأغنياء غنى، مما يستوجب تكاملا وتعاوناً من الجميع أجل القيام بهذه المسؤولية، أعني مسؤولية مد يد العون. من الصور التي تشوه المجتمعات الإنسانية، وهي موجودة في كل مكان، محاولة البعض مزاحمة الآخرين في أرزاقهم، نرى فلانا جاءت له فرصة في العمل مثلا يمكن أن ترفع من دخله، ثم نفاجأ بمن يضيِّع عليه هذه الفرصة لا لشيء إلا لأنه استكثرها عليه، أو يحاول خطفها لنفسه دون رادع أو وازع من ضمير، كما يمكن أن نرى من يسعى للحصول على عمل، فيواجه بمن يعرقل له طريقه ويضع أمامه العقبات، وهناك من يتحصل على عمل فنجد القلق يستبد بمن حوله خوفا على أن يتفوق عليهم أو يسكب قلوب مسؤوليهم. المسلمون والعرب على مر العصور عرفوا بالكرم ومساعدة المحتاج وآيات القرآن وأحاديث الرسول حافلة بالحث على العطاء، وطمأنة الناس بأن الرزق بيد الله، لا بيد زيد أو عمرو من الناس. ونحن مع دعوتنا إلى زيادة المبادرات الفردية للعطاء، وهي ضرورية، نأمل تعزيز المبادرات الجماعية، عبر الجمعيات أو المؤسسات، لمساعدتها على القيام بحل هذه المشكلات. إن نفع الناس لا يقتصر على المساعدة المادية، وإنما يتجاوزها إلى عزيمة الإنسان، وسعيه في مصلحة أخيه الإنسان لقضاء حاجته، كأن يعينه على إتمام معاملة قانونية، أو مصاحبته في زيارة أو سفر، أو تسهيل حصوله على عمل، أو الموافقة على رفع مستحقاته المالية بالعدل، ومن صور ذلك أيضا إطعام الجائع، بتقديم ما يشبعه، والتبرع بالمال للمحتاج، وإجابة السائل، والصبر على قضاء حاجته، والمساهمة في قضاء دين المدين، وباب الخير مفتوح للجميع، وكان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
بقلم: آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
25/09/2019
3248