+ A
A -
عند فحص العينة الأولى من نتائج انتخابات الكنيست «الإسرائيلية» الـ 22، يتبين أن القائمة العربية المشتركة باتت الكتلة الثالثة في الكنيست من حيث عدد أعضائها والمقاعد التي فازت بها. وهذا الإنجاز الهام جاء في سياق العمل الكفاحي المتواصل لأبناء فلسطين الذين بقوا على أرض الوطن بعد نكبة العام 1948، وذلك بالرغم من مقاطعة الكثيرين في الوسط العربي، من جمهور وأحزاب عربية لمسارات العملية الانتخابية برمتها، حيث لا يعتقدون بجدوى الدور العربي الفلسطيني تحت قبة الكنيست.
معركة التصويت للقائمة المشتركة التي احتدمت عملية التحشيد والتحضير لها، للفوز بأكبر عدد من مقاعد الكنيست، أثمرت نسبياً، واعطت أوكلها، وهي تندرج كوسيلة كفاحية مُمكنة ومتوفرة، في إطار التحدي والتصدي لسياسات الاحتلال بشكلٍ عام، سياسات «اسرلة» فلسطينيي الداخل، ومحو هويتهم الوطنية والقومية، وقد حدا هذا الدور العربي المتطور برئيس الحكومة «الإسرائيلية» بنيامين نتانياهو، لشن حملة واسعة ضد فلسطينيي الداخل خلال الشهور المنصرمة، بل حاول أكثر من ذلك وضع العقبات أمام قيام القائمة العربية المشتركة. وها هو الآن ينادي بحكومة صهيونية خالصة، ويصرخ بأن «إسرائيل» تحت الخطر بسبب وجود هذا الجزء من الشعب العربي الفلسطيني فوق أرض وطنه التاريخي. ولم يكتفِ بالتحريض ضد فلسطينيي الداخل، بل سمح لنفسه أن يحرّض علانيّةً على خُمس سكّان الدّولة لا لسبب إلّا لأنّهم عرب، فصرخ مستنجدًا: «العرب يتدفّقون في الحافلات إلى صناديق الاقتراع كي يسيطروا على الكنيست والحكومة والدّولة، فهبّوا يا بني إسرائيل لإنقاذ دولتكم».
نتانياهو، وبتواتر تصريحاته خلال الأسابيع الماضية، اعتبر المصوتين الفلسطينيين العرب هم عدوه الأول في هذه الانتخابات، الأمر الذي دفع بالقائمة المشتركة لزيادة مجهوده في الوسط العربي، ورفعت شعار اسقاط نتانياهو وحزب الليكود، ونجحت بهذا بالفعل، حيث بات نتانياهو وعلى الأرجح خارج سلطة القرار الأول في «إسرائيل»، ولن يستطيع تشكيل حكومة بمفرده دون ائتلافٍ مع الحزب الكبير الآخر في الكنيست.
لقد كانت دعوات الامتناع عن التّصويت من قبل بعض فلسطينيي الداخل، هدف نتانياهو لأنّه لا يريد الصّوت العربيّ في الكنيست، ولا يريد أن يرى الجماهير العربية في الداخل تتدفق إلى صناديق الاقتراع. لكن ومع موقف بعض فلسطينيي الداخل بمقاطعة الانتخابات تبقى القائمة المشتركة عنواناً لوحدة الموقف الوطني الفلسطيني في الوطن المحتل عام 1948، من خلال وجود غالبية القوى العربية ضد صفوفها بواقع ائتلاف اربعة احزاب عربية، من الطيف السياسي والأيديولوجي للقوى والتيارات والفاعليات الوطنية الفلسطينية في الداخل، التي تخوض معاركها ضد النظام الفاشي العنصري الصهيوني، الذي لا توجد لديه محرّمات ولا خطوط حمراء، حيث يضرب بنيامين نتانياهو، يسارًا ويمينًا وفي البرّ وفي الجّو وفي الدّاخل وفي الخارج ليحافظ على كرسيّه، لأنّه يعي أن فقدان الكرسيّ يقوده إلى المقتلة السياسية، وقد نجح طيلة سنوات بتدجين حزب الليكود ووضعه تحت ذراعه.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
23/09/2019
2063