+ A
A -
ألا ينبغي ان يستوقف انتباه العالم انه خلال الشهر الجاري «اغسطس» الذي شارف على الانتهاء تناقلت وكالات الانباء العالمية اربع تجارب صاروخية اجرتها كل من الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الشمالية وإيران، ما يعني أن هناك توجها تقنيا عسكريا في العالم إلى الاهتمام بالاسلحة الصاروخية التي قد تشكل تهديدا رئيسيا في صراعات المستقبل، على الرغم من التقدم النوعي الذي طال أسلحة الدفاع الجوي والمضادات الارضية للصواريخ البالستية.
وكان من البارز ان الولايات المتحدة، وعلى غير المعتاد في السنوات الاخيرة، ان اعلنت بالخبر والصورة عن تجربتها الصاروخية، لاختبار نموذج أرضي التموضع من صاروخ توماهوك. وذلك بعد أسابيع من انسحابها من معاهدة الحد من الأسلحة النووية الموقعة مع موسكو، وكانت ردة الفعل الروسية في اكثر من اتجاه، فقد سارع الرئيس الروسي بوتين إلى الاجتماع برئيس أركان الجيش ووزير الدفاع لدراسة إطلاق أميركا لهذا الصاروخ الجديد، وقال بوتين إنه «أمر بإجراء تحليل لمستوى التهديد الذي تسببت به أفعال الولايات المتحدة بالنسبة لبلدنا واتخاذ التدابير الشاملة للتحضير لرد متكافئ على الصاروخ الأميركي الجديد»، كما ان الكرملين أتهم البيت الأبيض بتخطيط مسبق لوضع أسلحة محظورة بأوروبا وتصعيد التوترات العسكرية.
ويلاحظ ايضا انه على الرغم من اعلان الرئيس الروسي بوتين انه لن ينزلق إلى سباق تسلح مع الولايات المتحدة الا ان اعلانه بانه امر اجهزته المختصة بالتحضير لرد متكافئ على التجارب الصاروخية الأميركية، يعني ان الروس سيجدون انفسهم بالفعل في سباق تسلح حقيقي مع الأميركيين على الرغم من التفاوت الهائل بين القدرات الأميركية الهائلة في الانفاق على البحوث الصاروخية ونظيرتها الروسية، وعلى الرغم من الادراك الروسي ان سباق التسلح ما قبل انتهاء الحرب الباردة بين العملاقين كان السبب الرئيسي في انهيار الامبراطورية السوفياتية الحمراء وتفكك الاتحاد السوفياتي السابق إلى معظم جمهورياته التي كان يتشكل منها، ولهذا يدرك الرئيس بوتين قبل غيره تبعات خوض سباق تسلح مع الأميركيين، وربما يحذر الانزلاق اليه، حتى لا يلدغ الروس من ذات الجحر مرتين، غير ان سباق التسلح بين العملاقين على ما يبدو هو قرار أميركي، وليس روسياً بحال من الاحوال، بدليل ردة الفعل الروسية الغاضبة على تجربة التوماهوك الأميركي الذي اصاب هدفه البعيد بنجاح! وإلى حد البحث الروسي عن المثيل الروسي المكافئ.
الخزانة الأميركية التي عبأها الرئيس ترامب بمئات المليارات خلال العامين الاخيرين لن تتأثر كثيرا بكلفة هذا السباق ولا مقتضياته، بينما الخزانة الروسية ليست بثراء نظيرتها الأميركية، غير ان تجربة التوماهوك الأميركي التي ازعجت كثيرين يراها البعض تضعف الضغوط الأميركية على دول عدة ترى ان من حقها تطوير قدراتها الصاروخية وفقا لمقتضياتها الدفاعية، وهنا يلاحظ مثلا ان الكوريين الشماليين مستمرون في تجاربهم الصاروخية غير مكترثين بردات الفعل الاقليمية الآسيوية والأميركية، وكشف الجيش الكوري الجنوبي انه رصد «مقذوفين مجهولين» أطلقتهما كوريا الشمالية، وقد لوحظ ان هذين المقذوفين قد بلغا اعلى ارتفاع لمقذوفات أطلقتها بيونغ يانغ من بين 9 تجارب صاروخية سابقة خلال العام الجاري، ما يعني ان التسلح الكوري الشمالي بالصواريخ البالستية يمضي إلى غاياته، وربما ان هذه الاختبارات والتجارب الشمالية لن تتوقف في مدى منظور.
كما يلاحظ ايضا ان تجارب الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى ليست قاصرة على الدول الاربع السالفة الذكر، بل هناك دول آسيوية اخرى لا تخفي تجاربها في هذا الصدد، مما يعني ان ترسانات عدة في عالم اليوم قد امتلأت بأنواع من الصواريخ التدميرية المختلفة.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
30/08/2019
1536