+ A
A -
دولة الاحتلال، وعلى رأسها حزب الليكود، وفي سياق المنافسة و«الهمروجة» الانتخابية بين مختلف الأحزاب «الإسرائيلية»، تضع القدس على أجندة أولوياتها، لأغراضٍ استخدامية، دعائية، انتخابية في المرحلة الراهنة أولاً، ومن أجل تحقيق هدفها الاستراتيجي المنشود من وجهة نظرها، بتهويد المدينة بشكلٍ كامل ثانياً.
فقد دأبت «إسرائيل»، وعلى امتداد سنوات الاحتلال الطويلة، على خلق أغلبية يهودية داخل القدس بشقيها الشرقي والغربي، وعملت على السيطرة على الوجود السكاني الفلسطيني في المدينة والتحكم في نموه بحيث لا يتجاوز 27% من المجموع السكاني للمدينة (بشقيها) وهو مالم يتحقق حتى الآن بفعل عدة عوامل، يقف على رأسها صمود المقدسيين والبقاء والثبات على أرض المدينة من جهة، والتزايد السكاني العربي الفلسطيني الطبيعي من جهةٍ ثانية.
وكما يؤكد حنا عيسى ومايمثله من حضور، ومن شخصية مقدسية فاعلة في الوسط الفلسطيني داخل المدينة، فإن سلطات الاحتلال أقدمت على وضع تصورات مُحددة، لمحاصرة مدينة القدس الموسعة من جميع الجهات (متروبلين القدس الكبرى)، وخاصة سد منافذها لمنع تواصلها الجغرافي والديمغرافي مع عموم مناطق الضفة الغربية، وعملت مادياً وعلى أرض الواقع على إنشاء ثلاثة أحزمة استيطانية استعمارية تهويدية: الحزام الأول يحاصر البلدة القديمة وضواحيها فيربطها بالجزء الغربي، فتم إنشاء الحي اليهودي داخل السور الأثري والحديقة الوطنية حول شرق السور وجنوبه والمركز التجاري الرئيسي ضمن هذا الحزام. والحزام الثاني يحاصر الأحياء العربية خارج السور في المناطق الواقعة داخل حدود أمانة بلدية القدس في عهد ماقبل احتلالها الكامل ومن ثلاث جهات، بمستعمرات تتحد على شكل أقواس لتعزل المدينة عن الكثافة السكانية العربية، في الشمال والجنوب، ويزيد عدد المستوطنات الواقعة ضمن هذا الحزام عن إحدى عشرة مستعمرة. والحزام الثالث يهدف لحصار مدينة القدس الكبرى وفق المشاريع «الإسرائيلية» المقترحة تماماً، أي عزلها عن الضفة الغربية، وهذا يعني إضفاء الصبغة اليهودية عليها، مع وجود القرى العربية والقدس الشرقية داخل حدودها الإدارية، وليصبح المواطنين المقدسيين «أقلية قومية» وسط أغلبية يهودية.
وعليه، عملت دولة الاحتلال على ثلاثة محاور لإنشاء واقامة تلك الأحزمة الإستعمارية التهويدة حول المدينة. المحور الأول إنشاء حلقة المستعمرات الاستيطانية الخارجية التي تحيط بمدينة القدس لمحاصرتها وعزلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية، وتضم نحو عشرين مستعمرة تُشكّل أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية البالغة نحو 6000 كيلومتر مربع، وتعتبر جزءاً مما يُسمى «بالقدس الكبرى» وفق مصطلحات الاحتلال، ومن هذه المستعمرات: معاليه أدوميم شرقاً، وراموت غرباً، وجبعات زئيف شمالاً، وجيلو جنوبا.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
17/08/2019
1652