+ A
A -
تتميز انتخابات الكنيست «الإسرائيلي» الحالية بتزايد تحالفات الأحزاب التي تخوضها، قياساً بالانتخابات التي جرت في أبريل الماضي 2019، التي شهدت انقساماتٍ في تحالفاتٍ كانت قائمة، وبينها انقسام القائمة العربية المشتركة، التي عادت وتوحّدت الآن، وكذلك حزب العمل الذي فض رئيسه السابق (آفي غباي) التحالف مع حزب (هتنوعا) الصغير برئاسة تسيبي ليفني الذي خرج الآن من الحلبة السياسية، وتحالف حزب العمل (الماباي) مع حزب الجسر (غيشر)، بينما انشق الوزيران نفتالي بينيت وأييليت شاكيد عن حزب (البيت اليهودي)، وشكلا حزب (اليمين الجديد)، وعادا الآن للتحالف مع «البيت اليهودي»، كما اندمج حزب (كولانو) برئاسة الوزير الجنرال موشيه كاحلون في حزب الليكود.
إثر هذه التحالفات، التي تأتي على خلفية تخوّف أحزابٍ بعينها، من عدم تجاوز نسبة الحسم، بسبب تزايد عدد الأحزاب الصغيرة، طرح تقرير نشره موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإلكتروني، فكرة مفادها بأن على «إسرائيل» أن تتجه بتركيبتها السياسية والحزبية الراهنة، وعلى المدى القريب، للسعي باتجاه توليد نظام بــ «حزبين كبيرين» على غرار الولايات المتحدة، وهو ما يفترض حسب رأي رئيس «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، يوحنان بليسنر، خفض عدد الأحزاب، وخاصة الصغيرة منها، وبالتالي رفع نسبة الحسم أمام أي حزبٍ للمشاركة بالانتخابات التشريعية، ودخول عضوية الكنيست. إن الاتجاه لتوليد تركيبة سياسية تقوم على حزبين كبيرين في «إسرائيل»، فكرة يتم تداولها بين بعض النخب السياسية «الإسرائيلية»، وتعني فيما تعنيه السعي لتحقيق حالة من الاستقرار السياسي الداخلي، ووقف عملية الاضطراب التي تحصل بين دورة انتخابية تشريعية ودورة تليها، وقد يكون هذا الأمر صعبا جداً في حالة دولة كالدولة العبرية الصهيونية التي ينتمي سكانها لأكثر من ثلاثين قومية، وعدة اثنيات. فليس بالإمكان إلاَّ أن يكون هناك تمثيل لفئات جاءت من خلفيات قومية معينة، ومن دون علاقة بالمواقف السياسية، كيهود روسيا ودول الاتحاد السوفياتي السابق، وحتى يهود البلدان العربية كيهود المغرب واليمن والعراق الذين يشكلون نحو 25 % من سكان «إسرائيل» من اليهود.
ورغم أن الاستطلاعات الحالية للرأي في «إسرائيل» تُشير إلى أن تسع قوائم ستنجح في الدخول للكنيست الــ 22 بعد انتخابات سبتمبر المقبل 2019، إلا أن هناك توقعات بأن ينقسم جزء من هذه القوائم إلى أحزاب صغيرة بعد الانتخابات، وهو ما ينشئ وضعاً إشكالياً أمام أي حكومة ائتلافية متوقعة بعد الانتخابات. فإمكانية الانقسام في اليوم الذي يلي الانتخابات تبقى موجودة أيضاً، وهو ما يضع الحكومة الائتلافية المتوقعة أمام قلق البقاء والاستمرارية مع وجود «بيضة قبان» نتيجة الانقسامات في القوائم ما بعد الانتخابات. وخلاصة القول، إن فكرة توليد حزبين كبيرين في «إسرائيل» على غرار الولايات المتحدة، دون أحزابٍ صغيرة، مشروع وهمي، وأمر غير ممكن، لعدة أسباب، وهو ما يؤكد بأن حالة الاضطراب السياسي ستبقى قائمة في الدولة العبرية الصهيونية، بين دورة ودورة تشريعية تليها، وكل ذلك مرتبط بمسارات العملية السياسية المتوقفة أصلاً في الشرق الأوسط، وبأوضاع عموم المنطقة.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
16/08/2019
2019