+ A
A -
ما زالت مسألة اندماج اليهود المهاجرين من روسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة في «إسرائيل»، مسألة غير سهلة، بالرغم من تلك السنوات الطويلة التي مرّت منذ قدومهم لفلسطين المحتلة، خاصة أنهم ينتمون للكتلة الأشكنازية العلمانية، فبعد أكثر من ثلاثين عاماً من قدومهم لفلسطين المحتلة، يرفضون أن يُصنفوا ضمن واحدة من المجموعات السكانية اليهودية التقليدية المتمسكة بالرواية الميثولوجية، فهم -مع صهيونيتهم- يؤيدون فصل الدين عن الدولة بعكس باقي الأحزاب في «إسرائيل».
الحالة العامة، التي أحاطت بهم، جعلت منهم يسكنون الضواحي بين اليهود الشرقيين (السفارديم)، بينما تخلل عملية استيعابهم ما يُمكن أن نسميه بـ «القمع الثقافي»، وقبول مشروط بملاءمة ذاتية لواقع الحال بعد وصولهم لفلسطين المحتلة.
ومع هذا، يكتسب الصوت الروسي أهمية استثنائية في الانتخابات «الإسرائيلية» القادمة للكنيست الـ 22، نظراً لوزنه الانتخابي من حيث الكم، ونظراً لدوره في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية. ولنا أن نتذكر أن زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» وهو حزب اليهود الروس، استطاع أن يفرمل خطوات نتانياهو بإقامة ائتلاف حكومي، مما دفع بالأخير للإعلان عن الانتخابات الجديدة.
يهود روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق يحاولون أن يأخذوا منحى آخر في حياة «إسرائيل» ومجتمعها، مستوعبين دروس من سبقهم من اليهود الذين جائوا إلى فلسطين من مناطق مختلفة، ومنها الدول العربية. وهناك نكتة كانت شائعة في «إسرائيل» في خمسينيات وستينيات القرن الماضي تقول «إنه تم جلب يهود اليمن والعراق كقطع غيار ليهود أوروبا الشرقية والغربية»، وهي مقولة كانت تعكس بقدر كبير الاستعلاء «الأشكنازي الغربي»، الذي شكّل العصب الأساسي للتجمع الاستيطاني في فلسطين، وتكشف عمق الاستهتار بـ «اليهود العرب» (السفارديم) الذين تمتعوا بمستوى ثقافي واقتصادي أقل من المكوّن البشري الوافد من أوروبا والذي لعب دور المؤسس للدولة العبرية الصهيونية على أرض فلسطين العربية، وهو ما حاولت تكراره النخب الأشكنازية مع يهود روسيا في الوقت التالي.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
14/08/2019
1886