+ A
A -
فوجئ كيان الاحتلال الصهيوني والمستوطنين الصهاينة بالأعداد الكبيرة من أهلنا العرب الفلسطينيين يحتشدون للصلاة في صبيحة عيد الأضحى المبارك في المسجد الأقصى، فقد تجاوزت أعداد المصلين المائة ألف مواطن، الأمر الذي شكل حائلا دون تمكن المستوطنين بدعم من قوات الاحتلال من اقتحام وتدنيس الأقصى في هذا اليوم المبارك للعرب والمسلمين.
هذا القرار العربي الفلسطيني في كسر قرار الاحتلال لمنعهم من الصلاة في الأقصى وبهذه الكثافة، وتأكيد قدرتهم على فرض إرادتهم في مواجهة المحتل، إنما يؤكد جملة من الدلالات المهمة، منها:
الدلالة الأولى: أن أبناء شعبنا العربي في فلسطين المحتلة إنما يثبتون اليوم وفي كل يوم أنهم حماة عروبة الأقصى وفلسطين وأنهم على استعداد للدفاع عن المقدسات وعموم أرض فلسطين المحتلة مهما بلغت التضحيات، وهم يؤكدون بذلك أنهم رأس الحربة للأمة جمعاء في مواجهة الاحتلال الصهيوني العنصري الاستيطاني. وهذا يدلل مجددا على إرادة المقاومة التي يملكها الشعب العربي الفلسطيني، والتي برهنت أنها لا تلين أو تنكسر مهما اشتدت اعتداءات الاحتلال وازداد إرهابه وقمعه الدموي.
الدلالة الثانية: أن انتفاضة الأضحى في القدس المحتلة تعطي لهذا العيد معنى حقيقيا، وهو أن لا عيد للمسلمين طالما أن القدس وفلسطين كلها ترزح تحت الاحتلال ويجري الاعتداء يوميا على الأرض والمقدسات وأهلنا الصامدين المرابطين والمستنفرين ليل نهار للتصدي لاعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال.
الدلالة الثالثة: تأكيد جديد على قدرة المقاومة الشعبية على إحباط خطط الاحتلال والمستوطنين الصهاينة الهادفة إلى فرض الأمر الواقع الصهيوني في المسجد الأقصى وتهويد المدينة القديمة، لما تشكله من شاهد حي ودائم على الحضارة العربية والإسلامية الضاربة جذورها عميقا في تاريخ هذه المدينة العربية العريقة. إن هذا الإنجاز الجديد، الذي يأتي بعد إسقاط فرض البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى العام الماضي وإجبار سلطات الاحتلال على تفكيكها، إنما هو ثمرة من ثمرات هذه المقاومة الشعبية التي توحد فيها شعبنا العربي في فلسطين من كل الاتجاهات والأطياف في أبهى تجليات الوحدة الوطنية الشعبية الحقيقية في ميدان مقاومة المحتل الصهيوني.
الدلالة الرابعة: توجيه ضربة موجعة لخطط الاحتلال في كسر إرادة المقاومة الشعبية الفلسطينية، فقد برهن الشعب الفلسطيني أن مقاومته لا تنكسر ولا تلين أمام إرهاب وقمع المحتل وإجراءاته التعسفية، بل إنها تزداد صلابة وقوة وبأسا وتأججا في مواجهة مشاريع الاحتلال، ويرتفع معها الاستعداد للتضحية في سبيل الدفاع عن عروبة الأرض والحقوق والمقدسات، مما صدم ويصدم قادة العدو ويجعلهم في حيرة من أمرهم إزاء شعب استخدموا معه كل ما لديهم من إمكانيات وقدرات قمع وإرهاب لفرض الاستسلام عليه وجعله يرضخ للأمر الواقع، ولم يفلحوا في ذلك.
الدلالة الخامسة: أن شعب فلسطين المتمسك بحقوقه والمستعد لمواصلة التضحية بدون حدود لن يسمح بفرض صفقة القرن الهادفة إلى إلغاء حقوقه الوطنية التاريخية في أرضه ووطنه وتصفية قضية فلسطين لمصلحة الصهاينة المحتلين الغاصبين، وهو من خلال انتفاضته في أول أيام عيد الأضحى يؤكد على رفض صفقة القرن وأن هذه الصفقة لن تمر مهما كانت التضحيات وأن القدس والمقدسات ستبقى عربية.
الدلالة السادسة: تأكيد جديد لجميع القوى والفصائل الفلسطينية أن شعب فلسطين موحد في الميدان وهو لا ينتظر قرارا لتجسيد هذه الوحدة في مواجهة العدو الأساسي الذي يشكل الخطر الداهم والرئيس على الشعب والقضية في أن معا، وبالتالي هي دعوة للتوحد تحت عنوان مقاومة الاحتلال ومخططاته، باعتباره التناقض الرئيسي الذي يجب أن يتغلب على أي تناقضات ثانوية، التي لا يجب بأي حال أن تسود وتحل مكان التناقض الرئيسي.
الدلالة السابعة: أن شعب فلسطين يبرهن من جديد على أن لا خيار أمامه في مواجهة المحتل ومشاريعه الاستيطانية التهويدية سوى المقاومة بكل أشكالها الشعبية والمسلحة، أما خيار المهادنة والمساومة مع المحتل فقد برهن أنه لا يعيد حقا ولا يحمي وطنا، بل إنه يحقق للمحتل ما يريده ويسعى إليه من أهداف توسعية استعمارية. وعليه، فإن قيادة السلطة الفلسطينية ليس من خيار أمامها سوى مغادرة اتفاق أوسلو وغيره من الاتفاقيات مع العدو، مغادرة قطعية نهائية، لتعود إلى خيار المقاومة الشعبية والمسلحة الذي يشكل وحده العامل الأساسي لاستعادة منظمة التحرير، لتكون الإطار الوطني التحرري الذي تنضوي فيه جميع القوى والفعاليات الوطنية لخوض ومواصلة الكفاح لتحرير فلسطين وعودة أبنائها إليها بقوة المقاومة والحق.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
13/08/2019
1780