+ A
A -
حادث أورلاندو ومن قبله هجمات سان برناردينو وباريس وبروكسيل أعاد الجدل إلى قلب الدول الغربية وخصوصا الولايات المتحدة، وحمل الكثيرين على طرح الاسئلة مجدداً عن الدوافع إلى الإرهاب ومن الذي يغذيه ويقف وراءه. ومما يزيد الجدل اشتعالاً ان المناخ المواكب لحملتي ترامب وكلينتون الانتخابيتين مؤات لطرح هذه المسألة على النقاش، لأن خوف الاميركيين يمكن ان يدفع أحد المرشحين إلى الرئاسة، تماماً مثلما لعب جورج بوش الابن على عامل الخوف من تكرار هجمات 11 سبتمبر كي يجعل الاميركيين ينتخبونه لولاية ثانية عام 2004.
وكما كان عامل الخوف نفسه العامل الذي جعل الناخبين يقفون خلفه بعد الهجمات ويؤيدونه في الذهاب إلى حربين.
الاقدر بين كلينتون وترامب على استغلال عامل الخوف لدى الاميركيين تكون فرصه أكبر في الوصول إلى البيت الابيض، بينما الحروب وأنصاف الحروب في الخارج لم تقض على الإرهاب الذي يتمدد أكثر في حين ان ضجيج الجدل حول أسبابه أقوى بكثير من التعامل بجدية مع هذه الاسباب!
مثل هذه الهجمات، مرشحة للاستمرار والتصاعد، فالحرب على الإرهاب الجارية حاليا على الاراضي العراقية والسورية والليبية، ربما تكون قد عطّلت قدرات «الدولة الإسلامية» على تنظيم هجمات منسقة، من عناصر منتظمة في صفوفه، أو من خلايا وأفراد مرتبطين مباشرة به، وتلقوا التدريبات في معسكراته وعلى خطوط قتاله، لكن «الصنف الثالث» من المتطرفين المتأثرين عن بعد بالتنظيم، والمعروفين باسم «الذئاب المتوحدة»، سيشكلون التهديد الأبرز للأمن والاستقرار في المرحلة المقبلة، لاسيما وأن كثيرين منهم، ليست لدى أجهزة الأمن والمخابرات معلومات كافية عنهم.
وهكذا، هل يكفي استغلال عامل الخوف ووصول هذا المرشح أو ذاك إلى منصب اقوى رئيس في العالم للقضاء على آفة الإرهاب التي تقض مضاجع العالم؟ وهل ستفضي الحرب الكونية المعلنة ضد «الدولة الإسلامية» واخواتها إلى نتيجة حاسمة؟
عادة تنتهي الحروب باعلان المنتصر انتصاره واقرار المهزوم بهزيمته، وماذا اذا عن حرب ضروس لا تخاض ضد دولة أو حركة، بل ضد سلاح، أو أسلوب، وهو الإرهاب؟ هل يمكن حقّاً القضاء على الإرهاب، وهو جزء لا يتجزّأ من العالم الحديث وسلاح في ترسانة العنف يتم اللجوء إليه عند الحاجة؟ وهل يمكن احتكاره وقصر حق ممارسته على الدول التي يكتسب إرهابها درجات مختلفة من الشرعيّة توفّرها قوانينها وخطابها السياسي وسطوتها؟ متى وكيف ستنتهي الحرب ضد الإرهاب؟ من سيعلن هزيمة الإرهاب والإرهابيين واستسلامهم؟
كانت «القاعدة» ولسنوات وجه الإرهاب وعنوانه وكان تدميرها هو الهدف. والآن هناك «الدولة الإسلامية».. فهل سيظهر بعد تدمير «الدولة الإسلامية» ماهو اخطر منها، ذلك ان عبقرية الشر في «الحرب ضد الإرهاب» هي أنها حرب تنتج وباستمرار ذلك الذي يفترض أن تقضي عليه. فهل ستصدق نظرية جورج اورويل التي لخصها في روايته المدهشة «1984» عن الحرب ضد الإرهاب، ومفادها «ليست الفكرة ان تنتهي الحرب بالنصر، بل ان تستمر»؟
مادامت المعالجات الجارية عصية عن التوجه نحو الجذور، ستظل كل المعالجات ظرفية وموقتة، لا الحروب البرية كانت مجدية ولا الطائرات من دون طيار حققت الغرض. إن المعالجة الحقيقية تتطلب حلاً للقضايا الكبرى وهذا لا يتحقق بالقوة وحدها.
أمين قمورية
copy short url   نسخ
22/06/2016
1746