+ A
A -
هنالك اعتقالات حدثت قبل أيام معدودة في الساحة السودانية.. ولا بد هنا أن ندعو إلى الاحتكام إلى أسس العدالة. فحين يتم اعتقال أية شخصية من الشخصيات تحت أية ذريعة – خاصة ذرائع تقاير الأجهزة الأمنية وأجهزة الاستخبارات - لابد من ان يتمتع أي شخص معتقل بالعدالة في أقصى حدودها الممكنة وان يتمتع من يعتقل بالحقوق التي أقرتها الأديان السماوية والقوانين والمعايير الحقوقية الحاضرة في عالم اليوم.
في هذه المساحة أود التعبير عن الاستنكار لما تعرض له قائد الجيش السوداني الأسبق «الفريق أول ركن عماد عدوي»، من ظلم، فقد اعتقل قبل أيام دون أن يكون ارتكب ما يستوجب تقييد حريته!.
وأود الاشارة إلى أنه أحد الشخصيات التي قدمت الكثير دون امتنان على وطنه السودان، فهو عمل في القوات المسلحة وظل منذ تخرجه في الكلية الحربية (مصنع الرجال) يحتل مكانا مرموقا، حيث تخرج وهو أول الدفعة في عام 1978..
وعمل لأربعين عاما في شتى بقاع السودان وشارك في عمليات الجيش للدفاع عن الوطن وحريته وسيادته وعزته إلى ان اصبح وفقا للتراتبية العسكرية الطبيعية رئيسا لهيئة الأركان لجيش السودان في فبراير 2016 واستمر بمنصبه لعامين.
لقد ظهر اسمه في الفترة القليلة الماضية ضمن المرشحين لدخول مجلس السيادة الانتقالي كشخصية مدنية ذات خلفية عسكرية في إطار خلق توافق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير..
وبشكل مفاجئ تعرض للاعتقال!.
إن ما يمكن قوله إجمالا هو ان الايام المقبلة سوف تكشف حقيقة ما حدث، وتكشف كافة الأبعاد المحيطة بظروف اعتقاله. لكن ما يجدر قوله هو انه يعد ضمن الشخصيات التي قدمت في صمت ونكران ذات كبيرين الكثير من اجل السودان واهله.. ويشهد له الكثيرون داخل الجيش وخارجه بما عرف به من قدرات تدل على كفاءته واخلاصه في البذل للسودان.
مما كان يرويه، أنه كان أحد ضباط سلاح الإشارة الذين استقلوا طائرة «هليكوبتر» من بحري إلى أم درمان لتسليم بيان (الراحل المقيم سوار الذهب) إلى الإذاعة، لحظة انحياز الجيش للشعب عام 1985.. كانت الكباري مغلقة بالأمواج البشرية التي خرجت في صباح السادس من أبريل (1985).. ولم يكن ممكنا الوصول إلى الإذاعة إلا جوا..
في تلك الأيام صدح محمد وردي بأناشيد كثيرة منها عبارات محجوب شريف:- ( نعم بنادق لا ترتد لصدر الشعب.. الغدر دخيل).. وعبارات أخرى لنفس الشاعر (شاعر الشعب) تقول:- ( السجن ترباسه انخلع تحت انفجار الزلزلة.. والشعب بأسره اندلع.. حرر مساجينه وطلع.. قرر ختام المهزلة.. بلا وانجلى.. حمدا لله ألف على السلامة انهد كتف المقصلة)..
ان ما يبعث العزاء هو أن من يختار العطاء النبيل لوطنه فإن من الطبيعي ان يحتمل كل ما يتعرض له من ظلم في بعض المراحل ليصبر على وقائع الزمن الراهن أملا في ان تصفو الليالي بعد كدرتها. يقول الشاعر محمود سامي البارودي: «فَإِنْ يَكُنْ سَاءَنِي دَهْرِي وغَادَرَنِي.. في غُرْبَةٍ لَيْسَ لِي فيها أَخٌ حَدِبُ..
فَسَوْفَ تَصْفُو اللَّيَإلى بَعْدَ كُدْرَتِها.. وَكُلُّ دَوْرٍ إِذَا ما تَمَّ يَنْقَلِبُ»..
ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي:- «وللأوطان في دم كل حر.. يد سلفت ودين مستحق»..
بقلم: جمال عدوي
copy short url   نسخ
05/08/2019
1647