+ A
A -
هذا الاهتمام الكبير الذي نراه بشأن المرحلة الثانوية لم يأت من فراغ أو بدون سبب معلوم، ولكنه من كونها هي التي تحدد مصير ومستقبل الطالب، وتحقيق حلمه وحلم أهله له، ويبدأ الطالب مرحلة الاختيار الصعب عندما يتعين عليه أن يختار بين أن يلتحق بشعبة العلمي أو بشعبة الأدبي، في هذه المرحلة نجد كثيرا من الطلاب وأولياء أمورهم في حيرة من أمرهم، أيهما أفضل؟ وأيهما يضمن مستقبلا زاهرا، ويحدث كثيرا أن يختار الطالب الالتحاق بشعبة العلمي، وفي اليوم التالي يغيّر رأيه فيطلب الانتقال إلى الأدبي، والعكس يحدث أيضا، إذ يغير الطالب من الأدبي إلى العلمي.
وتمضي الأيام وينتظم الطلب في المدرسة، ويعيش وأسرته في ضغط نفسي، خوفا من الحصول على درجات غير مرضية في الامتحان، وهذه الحالة من السباق، كما يقول بعض خبراء علم النفس - وهم على حق - تخلق مدرسة موازية في المنزل، وهي الدروس الخصوصية التي تتحمّل الأسرة بسببها أعباء مادية وضغوطا معنوية كبيرة، وتجعلهم يعيشون في حالة من الضيق بسبب النزيف الاقتصادي والميزانية التي تفرضها هذه الدروس الخصوصية على ولي الأمر، فهذا مدرس خصوصي لمادة اللغة الإنجليزية، وذاك للرياضيات، وثالث للعلوم، ورابع للعربي وهلم جرَّا، إضافة إلى الخوف والرعب من الفشل والإخفاق في تحصيل الدرجات التي تضمن النجاح وتحقق التفوق في آخر العام الدراسي، مما يشكل ضغوطا نفسية تطارد الطالب وأسرته على مدى ثلاث سنوات متتالية، إذ يدخل الطلاب في سباق للحصول على أعلى الدرجات، وليس في تنافس على تحصيل العلم.
وهكذا نخلق لأنفسنا أسبابا للقلق والتوتر، نحن في غنى عنها، مع أن الحلول سهلة وبسيطة، وفي تقديري المتواضع، فإن أول هذه الحلول هو أن يفكر الطالب ماذا يريد أن يقدم للمجتمع وللإنسانية، وعندما يحدد دوره في الحياة يستطيع أن يختار تخصصه الدراسي المناسب له بسهولة ويسر، فالنظرة المتعمقة للتعليم ووظيفته تفيد بأن العبرة ليست في تحصيل العلم فقط، فتحصيل العلم وحده غير كاف، ولكن العبرة في كيف نستفيد من هذا العلم، نحن لا نريد أن تتحول العقول والأدمغة إلى رفوف نكدس فيها الكتب، ولكن نريد أن نستفيد في حياتنا من العلم الموجود في هذه الكتب.
نريد أن نرى نتائج التعليم في كل مجالات حياتنا، نريد أن نرى التعليم قد ساهم في تطوير اقتصادنا، وتحسين مصانعنا وإنتاج مزارعنا، والخلاص ربط التعليم بسوق العمل واحتياجات المجتمع، ولا داعي أبدا لأن نحتار في اختيار التخصصات، ولا داعي لأن نستهلك طاقاتنا، فقد اكتفينا من جراء الدروس الخصوصية وتعبنا بما فيه الكفاية، ودمتم سالمين.
بقلم: آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
30/07/2019
2204