+ A
A -
ليس صحيحا أن الإجراءات التي اتخذها وزير العمل هي تطبيق لقرار متخذ سابقا، وهذا ما أكدته لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني التي شكلت بقرار من الحكومة اللبنانية للتنسيق بين الجانبين فيما خص وضع اللاجئين وحقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية، فقد أعلنت اللجنة أن «استراتيجية وزارة العمل بمكافحة العمالة الأجنبية غير النظامية، تغيب في إجراءاتها» الخصوصية التي يتمتع بها اللاجئون الفلسطينيون بموجب تعديل القانونين 128و129 اللذين أقرهما المجلس النيابي في العام 2010 وتقوم الوزارة بشمولهم بوصفهم عمالا أجانب متجاهلة ما نص عليه التعديلان من الحفاظ على خصوصية العامل الفلسطيني وعدم معاملته بالمثل.. من هنا فإن وزير العمل خالف بشكل واضح هذه التعديلات، لأن لديه موقفا سياسيا مسبقا، واضطر إلى إبداء الاستعداد لوضع المراسيم التطبيقية للتعديلين المذكورين نتيجة المعارضة والاحتجاجات الواسعة للقرار فلسطينيا ولبنانيا.. لكن القوى الفلسطينية المختلفة تطالب بما هو أكثر من ذلك، بأن يتم إلغاء مبدأ الحصول على إجازة عمل، حتى ولو كانت مجانية كما تنص التعديلات، لأنه ليس هناك من مبرر لذلك، إذا كانت التعديلات تنص على عدم معاملة الفلسطيني المقيم منذ أكثر من سبعين عاما معاملة الأجنبي، كون اللاجئ الفلسطيني المقيم ليس لديه وطن يلجأ إليه، لأن بلده فلسطين واقعة تحت الاحتلال ومحروم من العودة إليها..
بغض النظر عن النوايا فإن إجراء وزير العمل لا يمكن فصله عما تسعى إليه الإدارة الأميركية من إلغاء لوكالة الأونروا، الشاهد على قضية اللاجئين وتقديم المساعدة الدولية لهم ريثما يعودون إلى الأرض والديار التي هجروا منها سنة 1948، كما لا يمكن فصل الإجراء المذكور عن الجهود الحثيثة التي تبذلها واشنطن لفرض تمرير صفقة القرن التي تستهدف شطب حق العودة نهائيا وتوطين اللاجئين في دول الشتات..
إن قضية العرب الفلسطينيين اللاجئين وحقهم في العودة إلى الأرض والديار إنما تشكل جوهر قضية فلسطين التي تشكل القضية المركزية في الصراع العربي الصهيوني وبالتالي فإن الواجب الوطني والقومي والإنساني والقيمي يستدعي من المسؤولين اللبنانيين الوقوف إلى جانب الأشقاء والأخوة الفلسطينيين في محنتهم ومعاناتهم الناتجة عن احتلال وطنهم، بتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم وتأمين الحقوق المدنية والإنسانية اللائقة لهم، لتمكينهم من مواصلة الصمود والتصدي ومقاومة المخططات الأميركية والصهيونية الهادفة إلى تصفية قضيتنا العربية المركزية، قضية فلسطين، لمصلحة المشروع الصهيوني الغاصب للأرض والحقوق، وبالتالي إحباط مشاريع التهجير والتوطين، التي تطل برأسها، هذه الأيام، من خلال مؤامرة صفقة القرن القاضية بشطب الحقوق الوطنية للشعب العربي في فلسطين وفي مقدمها حق اللاجئين بالعودة إلى الأرض والديار، التي طردتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948.. لهذا فإن المطلوب إعادة نظر جذرية في طريقة مقاربة الدولة اللبنانية لقضية اللاجئين من الإخوة والأشقاء الفلسطينيين وذلك من خلال وضع سياسة تقوم على إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية لهم، وإلغاء جميع القرارات والقوانين غير الإنسانية المجحفة بحقهم وتتعارض مع موقف لبنان الداعم لقضية فلسطين والمساند لحق الشعب العربي الفلسطيني في مقاومته لاستعادة حقوقه المغتصبة، والرافض لمخططات التوطين على قاعدة دعم حق العودة إلى الأرض والديار في فلسطين المحتلة التي كانت وستبقى قضيتنا المركزية في الصراع العربي الصهيوني حتى تحريرها من رجس الصهاينة الغاصبين.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
22/07/2019
1605