+ A
A -
تجلت العنصرية تجاه يهود «الفلاشا» بقتل «الشرطة الإسرائيلية» في العامين الأخيرين ثلاثة شبان من أصول إثيوبية، بل وواجهوا منذ هجرتهم ممارسات عنصرية أدت لقتل أحد عشر شاباً منهم على يد البيض اليهود خلال العقدين الماضيين، وعدم قبول بعض المدارس لأبناء «الفلاشا» بسبب لون بشرتهم، وإلقاء وحدات الدم التي تبرع بها أفراد من يهود الفلاشا في القمامة بزعم الخوف من الأمراض المعدية والوراثية.
إن حدة الفوارق الطبقية والتمييز على أساس جذور الانتماء القومي والعرقي قائمة في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين، حيث يتوزع الدخل في «إسرائيل» بشكل يزيد من الفوارق الطبقية بين اليهود أنفسهم، فأبناء الطبقة العليا (20 % من السكان) يسيطرون على 44.2 % من الدخل، بينما يقبع في قاع المجتمع اليهود الشرقيين بشكل عام، وفي مقدمتهم يهود الفلاشا الإثيوبيون، الذين تمت عملية تهجيرهم باتجاه فلسطين المحتلة بعد نضوب المستودع الأساسي للهجرات اليهودية إلى فلسطين من أوروبا وكتلة الدول الشرقية السابقة (دول حلف فرصوفيا).
حقيقة، إن الانقسام في «المجتمع الإسرائيلي» اليهودي على أرض فلسطين التاريخية، يتجلى كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه، فاليهود على أرض فلسطين التاريخية يعودون في انتماءاتهم القومية لنحو 30 قومية، والواقع المحيط بيهود الفلاشا يُشير إلى أنه لا يتم الاعتراف لرجال دينهم بصفة حاخام، ونسبة 90 % أميون، ونسبة 65 % منهم عاطلون عن العمل، ونسبة الانحراف بين أطفالهم تعادل ثلاثة أضعاف النسبة العامة لليهود البيض، ونحو 44 % من «الإسرائيليين» يرفضون الزواج من يهودي إثيوبي طبقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة في «إسرائيل». وعلى المستوى السياسي ليس لهم حزب يمثلهم في الكنيست كحال غيرهم، بل إن حزب «أتيد إحاد» الذي يضم أعدادا كبيرة منهم لم يتمكن من بلوغ نسبة الحسم للدخول للكنيست، وبالتالي ذاب وانتهى ولم يذكره أحد.
إن المجتمع الاستعماري اليهودي على أرض فلسطين التاريخية، يزخر بالتنوع والخلفيات الاجتماعية والقومية لليهود، وهو ما يدحض مقولة أن «اليهودية قومية» فهي دين، في نهاية المطاف. وهناك نحو 20 % من السكان من يهود روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، وصل معظمهم إلى فلسطين المحتلة بعد عام 1990 في موجات الاستيطان اليهودي الكبرى إلى فلسطين المحتلة مع انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، ونسبة 22 % جاؤوا من أوروبا وأميركا. ونسبة 10 % من آسيا وإفريقيا وأغلبهم من المغرب العربي، حيث يُشكّل اليهود المغاربة المجموعة السكانية الثانية بعد يهود روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق.
إن التناقضات في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية القومية والطبقية وحتى الإثنية بين اليهود الحريديم واليهود غير المتدينين والملحدين، أي الأرثوذوكس المتزمتون والقوميون المتدينون. وبحسب الأرقام والمعطيات، يتّجه الأولون المعروفون بالحريديم إلى أن يضحوا الشريحة الأكبر، قياساً على الشرائح جميعها، وهو ما يضع «إسرائيل» أمام جملة أسئلة وتحديات مؤهلة للبروز على السطح أكثر فأكثر، وهو ما دفع الجنرال أيهود باراك للقول بعد نزول يهود الفلاشا إلى الشوارع في تل أبيب: «إن دولة إسرائيل تتواجد على مسافة لحظة من التفكيك الكامل للديمقراطية الإسرائيلية، لحظة قبل التخلي عمن وما نحن عليه، تهديد استراتيجي لا يقل عن التهديد الإيراني».
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
13/07/2019
1942