+ A
A -
ليست المرة الأولى في تاريخ «إسرائيل» أن اجتاحتها احتجاجات على خلفيات عرقية. ففي العقدين الأوليين بعد إقامة الكيان الاستعماري الصهيوني على أرض فلسطين العربية وفي أوج عملية الصهر الصهيونية، تفجر غضب الشرقيين اليهود (السفارديم) أكثر من مرة، ونشأت تنظيمات يهودية شرقية في مواجهة التمييز الطبقي والعنصري ضدهم من قبل اليهود الغربيين (الإشكناز)، وأبرزها منظمة (الفهود السود)، ومنظمة البوصلة (ماتسبن) ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ومؤخراً، نزل إلى الشوارع في تل أبيب عشرات الآلاف من اليهود السود الإثيوبيين (يهود الفلاشا) احتجاجا على التمييز الطبقي والعنصري ضدهم، وزاد من ارتفاع حدة تلك الاحتجاجات مقتل شاب إثيوبي (سلمون تكاكا) برصاص شرطي أبيض.
يهود (الفلاشا)، الذين بدأت هجرتهم إلى فلسطين المحتلة عام 1984 عبر جسرٍ جوي من إقليم (تيكراي) شمال إثيوپيا، عبر الخرطوم إلى تل أبيب، وبمساعدة لوجستية كاملة من نظام جعفر النميري في السودان في حينها، تبلغ أعدادهم في فلسطين المحتلة الآن نحو 150 ألفاً، موزعين على 19 بلدة في فلسطين المحتلة، يعيشون تحت التمييز العنصري، والاضطهاد الطبقي، في أحياء فقيرة ومهملة، وهذه ليست المرة الأولى التي ينظم (الفلاشا) مظاهرات احتجاجاً على التمييز العنصري الذي يواجهونه في «إسرائيل»، فقد شهدت تل أبيب عام 2015 اضطرابات مشابهة، عندما تظاهر يهود الفلاشا احتجاجاً على التمييز الطبقي والعنصري ضدهم. وقد تجلت العنصرية تجاه يهود (الفلاشا) بقتل «الشرطة الإسرائيلية» في العامين الأخيرين ثلاثة شبان من أصول إثيوبية. بل وواجهوا منذ هجرتهم ممارسات عنصرية أدت لقتل إحدى عشر شاباً منهم على يد البيض اليهود خلال العقدين الماضيين. وعدم قبول بعض المدارس لأبناء «الفلاشا» بسبب لون بشرتهم، وإلقاء وحدات الدم التي تبرع بها أفراد من يهود الفلاشا في القمامة بزعم الخوف من الأمراض المعدية والوراثية.
إن حدة الفوارق الطبقية والتمييز على أساس جذور الانتماء القومي والعرقي، قائمة في المجتمع اليهودي على أرض فلسطين، حيث يتوزع الدخل في «إسرائيل» بشكلٍ يزيد من الفوارق الطبقية بين اليهود انفسهم، فأبناء الطبقة العليا (20 % من السكان) يسيطرون على 44.2 % من الدخل، بينما يقبع في قاع المجتمع اليهود الشرقيين بشكلس عام، وفي مقدمتهم يهود الفلاشا الإثيوبيين، الذين تمت عملية تهجيرهم باتجاه فلسطين المحتلة بعد نضوب المستودع الأساسي للهجرات اليهودية إلى فلسطين من أوروبا وكتلة الدول الشرقية السابقة (دول حلف فرصوفيا).
{ (يتبع)
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
12/07/2019
1964