+ A
A -
هنالك تحديات كثيرة في الساحة السودانية ترتسم حاليا في أفق استكمال أهداف الحراك الثوري من اجل الحرية والديمقراطية.
وفي التأمل لما يحدث الآن، فإن مؤشرات كثيرة تقول إن القوى التي انحازت مبكرا إلى اختيار إقامة نظام ديمقراطي يحترم التعددية الحزبية هي القوى التي يلتف حولها الشارع باستمرار.
لقد عانت الساحة السياسية السودانية لثلاثة عقود زمنية من واقع «تجربة نظام الانقاذ» ذلك النظام الذي رفع شعار (الإنقاذ)، لكنه ادخل البلاد لوقت طويل في متاهات سياسية وأمنية، كان السودان في غنى عنها. إن الواقع الراهن يحتشد بآمال عريضة تسعد إنسان السودان البسيط، لكونها آمالا تستجيب إلى حقائق الواقع. ويشف المشهد السوداني عن استمرار تطلعات الشارع للوصول إلى ديمقراطية مستدامة وبناء دولة القانون والمؤسسات في ظل احترام حقوق الإنسان. هذه الآمال المنتصرة أتت بفضل من الله عز وجل، وهي آمال ازدانت بالتضحيات الغالية.. تضحيات سقطت خلالها شهيدات وشهداء.. تضحيات جرحت فيها فتيات ونساء وجرح فيها أطفال وفتيان ورجال.
إن تجربة إسقاط النظام الديكتاتوري الذي جثم على صدور السودانيين لثلاثين عاما، هي تجربة شارك في صنعها كل من انحازوا مبكرا إلى اختيار الحرية.
هنالك من كلمات شعراء السودان على مر العصور قصائد وقصائد، كلها تتغنى بملاحم الفداء والتضحيات الغالية.
ويعتبر النقاد أن هنالك كوكبة غالية من شعراء السودان على مر الأجيال وتعاقب العقود الزمنية ظلوا دوما يكتبون أنبل اناشيد الحرية في قصيدة مبارك بشير التي تغنى بها محمد وردي ننصت إلى كلمات عذبة عن الفداء: (نلتقيك اليوم يا وطني لقاء الأوفياء.. قد تنادينا خفافا كخيول الريح من جوف العتامير تنادينا لك يا أرض البطولات وميراث الحضارات نغني اليوم في عرس الفداء). إن القصيدة تستمر في التعبير الصادق عن الثناء على كل بطلات وأبطال تاريخ السودان: (نغني لبعانخي ولترهاقا وللمهدي.. لعيلي عبد اللطيف.. ولعبد القادر الحبوب.. للقرشي.. للصمود العذب في كرري.. وللموت الفدائي العظيم.. ونغني لك يا وطني كما غنى الخليل.. مثلما غنت مهيرة تلهم الفرسان جيلا بعد جيل).
في التوقيت السياسي السوداني الراهن، تحتشد آمال الأمة في محبتها لكل من تفتديها بروحها وكل من يفتديها بروحه. هذه الآمال الجديدة تظل عصية على الانكسار. هنالك في قصائد أهل السودان المستمرة في الانسياب محبة للوطن الغالي نجد العزم على مواجهة كافة الاحتمالات السيئة التي قد تحدث لا قدر الله في مقبل السنوات، حيث يستمر الشعراء في شد العزم قائلين إنه مهما تتجدد محاولات البعض للعودة بالمسيرة الوطنية إلى الوراء، فإن الثائرات والثوار سيواصلون عزمهم على مواجهة أي نظام مستبد قد يأتي إلى الساحة في لحظة من اللحظات.
هاشم صديق يقول: (لسه بنقسم يا اكتوبر لما يطل في فجرنا ظالم نحمي شعار الثورة نقاوم)، ويقول محجوب شريف: (يا ظالما في الغيب أو حتى بيناتنا لو في الحلم والنوم احذر ملاقاتنا.. لو لسه ما ولدوك احذر وليداتنا.. نحن انكسار العيب ما بيغشى هاماتنا.. .. وطنا عظيم الشان عمدانه قامتنا.. صاعين نكيل الصاع والسلم راياتنا). إن كلمات أغلى شعراء السودان ما فتئت تقدم الكثير لأجل إلهام الشارع أناشيد الحرية.. ها هنا نجد مفردات متميزة لمحجوب شريف تصدح بنغمات الحرية يقول في احدى قصائده بالعامية: «حانغني ليك ونغني ليك.. والبيزدريك (الذي يزدريك).. يا ويله من اجله الوشيك.. يا ويله من غضبك عليه ومن مشيك.. يوم ينكسر زرد الحديد.. السونكي والزنزانة والسجن السميك.. وخطا الشهيد من حوله تهدر والنشيد).
بقلم: جمال عدوي
copy short url   نسخ
12/07/2019
2341