+ A
A -
بعد وصول الوضع إلى حافة الهاوية بين إيران والولايات المتحدة في الأسابيع الأخيرة مع انتشار الأساطيل وحاملات الطائرات في بحر العرب وبالقرب من مداخل مضيق هرمز، فضّلت واشنطن العودة للخيارات الأخرى في مواجهة إيران، وتحديداً خيارات العمل السياسي بالحصار والمقاطعة، وفرض المزيد من العقوبات، واللجوء إلى تهديدٍ جديد عنوانه: «وقف تصدير النفط الإيراني» للخارج، وهو إجراء غير مسبوق على صعيد العالم بأسره، فضلاً عن كونه أحادي الجانب من طرف الولايات المتحدة، دون سندٍ قانوني من الأمم المتحدة ومجلس الأمن. فالولايات المتحدة تتعمّد خَرْقَ قواعد «حرية التجارة» بالعقوبات والحَظْر واستخدام الدّولار كوسيلة لعرقلة حرية التجارة بين الدّول، إضافة إلى زيادة الرّسُوم الجمركية من جانب واحد، والتّنَصُّل من كافة الاتفاقيات الدولية، واستبدالها باتفاقيات ثُنائِيّة، مع تهديد الدول المُستوْرِدَة للنفط الإيراني، وهي ذات العقوبات تقريباً التي فرضتها على التجارة مع الصين بشكلٍ أو بآخر.
منع تصدير النفط الإيراني، أثار حفيظة العديد من الدول التي تعتمد على النفط الإيراني في توفير مصادر الطاقة الأحفورية واستهلاكها، وخاصة اليابان والصين وتركيا والهند، التي تستورد جزءاً كبيراً من نفطها اليومي من إيران، وهي دول مستهلكة للنفط، وتفتقر له في أراضيها، باستثناء الصين الشعبية التي لديها كميات قليلة من النفط في أراضي تشنيانغ (مناطق الإيغور) غرب الصين.
التحوّلات إياها التي جرت خلال الأسابيع الماضية في منطقة الخليج بين واشنطن وايران، دفعت نحو ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي إلى أعلى مستوياتها للعام 2019، بعد إعلان واشنطن إنهاء «الاستثناء الذي سمحت بموجبه إعفاءات ثماني دول من العقوبات على توريد النفط الإيراني»، وإجبار كافة دول العالم على وقف شراء النفط الخام من إيران، رابع أكبر مُنتج عالمي، التي كانت تنتج قبل الحَظْر الأميركي، أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا. لذلك، فإن واشنطن تسعى الآن إلى دفع دول منظمة الأوبك لزيادة إنتاج النفط، بهدف تعويض النقص في الأسواق العالمية عن النفط الإيراني، وخفْضِ الأسْعار التي ارتفعت، وليصبح إنتاج السعودية على سبيل المثال نحو أكثر من عشرة ملايين برميل في اليوم الواحد، علماً أن صادراتها النفطية تُقدر بنحو سبعة ملايين برميل يومياً، أما الولايات المتحدة فإنها قَرّرت زيادة إنتاجها لتصبح سنة 2019، أكبر منتج عالمي للنفط الخام، بأكثر من 12 مليون برميل يومياً بما في ذلك النفط الصخري، ولترتفع صادراتها إلى أكثر من ثلاثة ملايين برميل يوميا والباقي للاستهلاك المحلي، حيث تعتبر الولايات المتحدة أول مستهلك للنفط في العالم تليها الصين الشعبية. كما ويُعتبر رفْع حصة واشنطن من سوق النفط، من أهم أهداف العقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران، وتصديرها إلى الهند واليابان وكوريا الجنوبية.
بينما انخفضت صادرات النفط الإيراني، خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أبريل 2019، إلى أقل من مليون برميل يوميا، وكانت الصين الشعبية أكبر مسْتورِدٍ للنفط الخام الإيراني (قبل الهند واليابان وكوريا الجنوبية) بنحو 800 ألف برميل يوميا سنة 2017، وبنحو 29,27 مليون طن سنويا، أو ما يعادل 585,4 ألف برميل يوميا، طيلة سنة 2018، أو ما يشكل نحو 6 % من إجمالي واردات الصين النفطية، والصين واحدة من ثمانية مشترين عالميين نالوا إعفاءات لاستيراد النفط الخام الإيراني، لكن وفي نوفمبر 2018، بدأت تنخفض مشترياتها النفطية من إيران ووصلت إلى معدّل 500 ألف برميل يومياً منذ بداية سنة 2019، واعتبرت حكومة الصين أن القرار الأميركي يَضُرُّ بمصالح الصين، التي «ستواصل العمل لحماية الحقوق الشرعية للشركات الصينية»، بحسب وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء في نشرتها ليوم الاثنيْن 22/‏04/‏2019.
{ (يتبع)
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
07/07/2019
1889