+ A
A -
تتوجه أنظار حكومة اليمين في إسرائيل من جديد نحو غور الأردن، الفاصل بين حدود فلسطين الانتدابية والأردن، والهدف من ذلك تكثيف عمليات الاستيطان والتهويد، والتأكيد بأن غور الأردن سيبقى الحدود الفاصلة بين دولة الاحتلال والأردن بمعنى عزل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومنع تواصلها الجغرافي مع الأردن، وبالتالي تطويق كامل الضفة الغربية، ومن كل النواحي بكتل المستعمرات، ومعسكرات جيش الاحتلال.
إن غور الأردن، منطقة طويلة نسبياً يبلغ طولها نحو 350 كيلومتراً، وتعتبر منطقة الغور من المناطق الخصبة، التي تنتج الغلال المختلفة وفي المواسم الأربعة، فهي سلة غذاء للشعب الفلسطيني ومصدر عيش لجزء كبير من أبنائه من الفلاحين ومن رعاة الماشية وخاصة الأغنام، وللآلاف من الأردنيين على الطرف الثاني من منطقة الغور، الذين يعملون في الزراعة بمنطقة الغور.
نتانياهو قام مؤخراً وبرفقة جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي، بزيارة إلى منطقة غور الأردن، قال نتانياهو أثنائها إنه «استغل الزيارة لكي يوضح أن غور الأردن حيوي لإسرائيل في أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين».
وأضاف: «وجودنا هنا يضمن أيضاً الاستقرار والأمن للمنطقة بأكملها. في أي اتفاق سلام في المستقبل، موقفنا هو أن وجود إسرائيل هنا يجب أن يستمر. بالنسبة لأولئك الذين يقولون إنه من أجل تحقيق السلام على إسرائيل مغادرة غور الأردن، أقول: هذا لن يجلب السلام، بل سيؤدي إلى الحرب والإرهاب».
في الجولة المشار إليها أعلاه، إلى منطقة غور الأردن، شارك فيها السفير الأميركي ديفيد فريدمان، وشملت عدة مناطق في غور الأردن، وكذلك القيام برحلة جوية فوق منطقة القدس والجدار الأمني والغور، حيث يلعب السفير الأميركي ديفيد فريدمان دوراً كبيراً في التحريض على مواصلة تهويد الأرض الفلسطينية واستيطانها، بل ويقيم في إحدى تلك المستعمرات المُطلةِ على مدينة القدس، وقد اقتنى منزلاً فيها.
وبالطبع، فإن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، لا يقل تأييداً لدولة الاحتلال عن السفير المتصهين اليهودي الأميركي ديفيد فريدمان، فقد أشار بولتون إلى ما أسماه «القيمة التاريخية للزيارة»، طالباً من المسؤولين الأميركيين «الوصول إلى هذه الأماكن وزيارتها، ورؤية الجغرافيا، وفهم معناها وتأثيرها الحاسم على الوضع الأمني في إسرائيل، وشرح سبب احتفاظ إسرائيل بهذه المواقع نتيجة لذلك».
وعليه، فإن تحفظ الأردن على خطة ما يسمى بــ «صفقة القرن» نابع من التقدير الذي يقول إن الطرف «الإسرائيلي» يسعى لتحقيق جملة من المكاسب من جميع الأطراف العربية، وخاصة دول الطوق المحيط بفلسطين، ومنها الأردن، والتمدد على مساحات من الأراضي في منطقة الغور، ومنها منطقة الباقورة التي استأجرتها دولة الاحتلال وفق اتفاق «وادي عربة» الموقع عام 1994، لكنها تعمل الآن على المماطلة بعد انتهاء سنوات التأجير، عدا عن المخاطر التي تلوح في الأفق مع دعوة العديد من صنّاع القرار في إسرائيل لإحياء ما يُسمى بـ «الخيار الأردني» ومعزوفة «الوطن البديل».
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
05/07/2019
2178