+ A
A -
من قبل كنت أتحفظ على أية زيجات لا يتوفر لطرفيها تكافؤ علمي وتعليمي، وكنت أرى أنه ليس من المعقول مثلا ان نجد فتاة حاملة لدرجة الماجستير أو الدكتوراه، ثم لا تمانع من الزواج بشاب لا يحمل أي مؤهل علمي أو دراسي، وتعلم حرفة «الميكانيكي» في احدى الورش الخاصة، أو نجد شابا يحمل درجات علمية راقية، ثم يقع في حب فتاة لا تملك الا شهادة الميلاد وحسب، ولا يمانع من الزواج بها، وكنت أرى ان مثل هذه الحالات الاستثنائية التي تتمرد على ضرورة التكافؤ التعليمي والعلمي بين الطرفين المقبلين على الزواج، لا يجب ان تسقط في هوى الغواية التي ما ان تنقشع بمضي الوقت أو نفاذ الفاعلية حتى تنكشف الحقائق، ويبدأ احدهما في معايرة الآخر بجهله، حتى يصل الأمر إلى قصف متبادل بالردح الخطير الذي خاتمته تكون الطلاق.
ولأن الثابت هو ان الفتيات هن الأكثر تفوقا من الطلاب في الثانوية العامة، ويحصلن على معدلات عالية، وبالتالي تتوفر لهن فرص اوفر حظا في التعليم الجامعي من الطلاب البنين، فغالبا تجد مجتمعات عربية عدة ان عدد الخريجات الجامعيات صار أكثر من الخريجين الجامعيين الذكور، وفي حال الالتزام بضرورة التكافؤ التعليمي، فإنه لن يتوفر غالبا عدد من الجامعيين الذكور يعادل عدد الخريجات الجامعيات، وهذا يعني انه سيتعين على خريجات جامعيات الزواج من شباب غير جامعيين، ولهذا لا تستغرب إن وجدت جامعيات متزوجات من شباب لم يتلقوا قسطا وافرا من التعليم مثلهن، بينما ستجد هناك فتيات أخريات فضلن العنوسة على الزواج من شباب اقل منهن تعليما.
هذا الواقع بتناقضاته جعل حصول شباب على شهادات جامعية مسوغا للزواج، فالشهادة الجامعية ورقة في ملف مسوغات الزواج وليست لهدف إجادة مهنة والابداع فيها والتفكير من أجل الإضافة غليها، ورفع غنتاجية الشاب في عمله كما ونوعا.
و لكن في الحياة ايضا عجائب في هذا الصدد تستحق ان تروى، مثل شاب أحب فتاة كانت ابنة ناطور العمارة، ونظرا لتواضع احوال والدها فلم يعلمها، منتظرا ان تكبر ليزوجها من أحد شباب العائلة الذين لا يختلفون عن الاب لا في المهنة ولا في المستوى الاجتماعي، ولكن جمال وأدب هذه الفتاة لفت نظر صديقنا ومنذا العام الأول لالتحاقه بكلية الهندسة.
وفي تدبير يطول شرحه نجح هذا الشاب في البدء بتعليم هذه الفتاة خلال تشغيلها في أتيليه تصميم وتفصيل أزياء تملكه شقيقته لتحصل هذه الفتاة ابنة البواب على الابتدائية ثم الإعدادية، وليتقدم لوالدها من أجل الزواج منها لتكمل تعليمها وهي في بيت الزوجية لتصبح حاليا من أشهر مصممات الازياء النسائية في مجتمعها، وتتحدث الفرنسية بطلاقة، لكل ذلك ولغيره سقط لدي شرط التكافؤ التعليمي وارتقى إلى المقام الأول شرط الحب الحقيقي لأنه هو الذي يصنع المعجزات.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
19/06/2019
1824