+ A
A -
عندما أعود إلى الأرشيف في إذاعات وتليفزيونات الأمة العربية من المغرب إلى السلطنة العمانية، في عقود الخمسينيات وإلى التسعينيات من القرن الماضي أجد أن تراثها وإرثها يضع فلسطين على رأس أولوياتها بصفتها القضية العربية المركزية الأولى، الشعراء، الكتاب، المطربون، السياسيون، جلهم كان حديثهم، شعرهم، كلماتهم، مواضيع حواراتهم هي فلسطين، في زمن العثمانيين، وقبلهم في عصر الروم ومن بعدهم الأمويون فالعباسيون، فالمماليك، فالصليبيون، فالأيوبيون، وحتى تاريخها القديم حين أسسها الكنعانيون قبل عشرة آلاف عام، ومهد الأنبياء من ابراهيم إلى المعراج للسماء، كانت فلسطين وعهد الإنجليز ووعد بلفور، فثورة البراق، فلسطين محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي قصتهم في ليالي الصيف على البيادر وفي المقاهي والنوادي في الشتاء، فلسطين ثورة التشاشيبي والحاج الحسيني عامر 1936ومطاردة الإنجليز للثوار، وآثار رصاصهم لا زالت في سطح المنزل الذي اجتمع به الثوار في دير غسانة، ذلك العام،
فلسطين القسام، فلسطين الشهيد عبد الرحيم محمود، فلسطين الشهيد عبد القادر الحسيني، كانت حديثهم، في المدارس والجامعات والإذاعات، وكأني الآن مع الشهداء أبو عمار وأبو جهاد وابو أياد، وكمال ناصر وابو يوسف النجار وكمال عدوان يملأوون الارض، وتابعهم الأمم في عشق فلسطين، كانت فلسطين غسان كنفاني، فلسطين احمد ياسين والرنتيسي، مروان وعبد البرغوثي وعبد الله البرغوثي، فلسطين الانتفاضة حديث العالم، كانت فلسطين حديث التليفزيونات والمجالس والديوانيات، اذهب الآن، فأين فلسطين؟
لماذ تغيب، بل غيبت، فلسطين عن مناهج العديد من المدارس العربية باستثناء الجزائر التي لا زالت فلسطين قضية الشعب الجزائري الأولى، وإسلاميا لا زالت قضية تركيا وإيران،
عربيا، كانت صرحا، تبين انه من خيال، فقد هوى على عتبات طامح ان ترضى عنه الماما الكبرى، وآخر أخذته نزواته إلى خط ان تراجع عنه فقد هوى، حتى الوجوه العربية لا ترى فيها الحسم ولا العزم، وباتت تؤمن خلف قيادتها وتزيدها ضلالا في الهرولة نحو من اغتصب فلسطين لتكون نقطة الانقضاض على الأمة العربية، وقد بدأ الهجوم على القيم والاخلاق، «وإذا ذهبت اخلاقهم ذهبوا»
لكن من المسؤول؟ هل هي الشعوب العربية أم القيادة الفلسطينية،؟ بالتأكيد هي القيادة التي تسمع التهم بفسادها ولا تحرك ساكنا، الأموال التي تصل اليها توزع على متنفذين، وباتوا من أصحاب الملايين، ولا يفكرون بدعم حجر يضرب نحو دبابة، فلسطين باتت بلا قوة بلا أسنان بلا أظافر تخرمش كل من يحاول المساس بقدسية قضيتها، وترى خونة من قيادتها ارتموا في أحضان من يهرولون نحو تل أبيب، ولا يستطيع نظام السلطة أن يتابع هذا الخائن ويقتص منه بل حتى تحذيره،
كلمة مباحة
فَسَوفَ أَجعَلُ بُعدَ الأَرضِ دونَكُمُ وَ إِن دَنَت رَحِمٌ مِنكُم وَ ميلادُ
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
17/06/2019
1904