+ A
A -
ما أدلى به مؤخراً، السفير الأميركي ديفيد فريدمان لدى «إسرائيل»، لصحيفة نيويورك تايمز، يعكس بوضوح صارخ، فحوى مشروع التسوية الأميركية للحل، والمعنون بــ «صفقة القرن». فالسفير ديفيد فريدمان، والمفترض به أن يحترم مكانته كسفير، ينطق باسم إدارته، وقد تحوّل في الحقيقة إلى مستوطن يسكن ويقيم في احدى المُستعمرات المقامة في القدس الشرقية، ومتحمّس لمشروع استيطان وتهويد الضفة الغربية والقدس الشرقية، حين قال وبكل فجاجة: «أعتقد بالتأكيد أنه يحق لإسرائيل الاحتفاظ بجزء منها من الضفة الغربية».
فريدمان، يؤيد ويساند قيام دولة الاحتلال بضم أجزاء واسعة من المنطقة (ج) في الضفة الغربية في المستقبل القريب، وليس بالذات في إطار اتفاق مستقبلي. وهذا، من بين أمور أخرى، في ظل تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو قبل الانتخابات السابقة، والتي بموجبها ناقش مع الإدارة بالفعل، خطوات أحادية الجانب للضم في مناطق القدس الشرقية وغيرها.
فماذا يعني هذا الحق الذي تحدث عنه فريدمان؟.. من المؤكد ليس هناك حق في كل التصريحات اياها، فلا حق هنا، بل منطق القوة والدعم والغطاء الأميركي فقط، بل وفي ظل التعارض مع الحق التاريخي، ومع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وفي خطوة أصبحت معتادة، سارعت وزارة الخارجية إلى التوضيح بأن تصريحات ديفيد فريدمان لا تعكس موقف البيت الأبيض، وأن «إسرائيل» لم تقدم للولايات المتحدة أي خطة للضم، وأنه لم تجر أي مناقشات حول الموضوع. ولكن من التجربة السابقة، عادة ما تكون تصريحات وزارة الخارجية هي التي لا تعكس بالضرورة موقف الرئيس دونالد ترامب.
دولة الاحتلال، توسّع يومياً، وبلا منازع سيطرتها على المنطقة (ج) من الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتزيد من تصريحاتها بشأن نيتها ضمها رسمياً، وفي هذا المناخ، ليس بعيداً اليوم الذي ستبدأ فيه «إسرائيل» في تطبيق هذا «الحق الكاذب والمزوّر» الذي أعطاه لها السفير الأميركي ديفيد فريدمان عبر إجراءات ضم أوسع لمناطق (ج).
وبمرور الوقت، تصبح هذه العبارات المتعلقة بالضم أكثر ملموسية، وبدورٍ واضح للإدارة الأميركية أكثر جرأة، ويصبح عندها النفي أضعف. فعندما سُئل بنيامين نتانياهو قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة في «إسرائيل» (الانتخابات الحادية والعشرين للكنيست 9 نيسان/ ابريل 2019) عن سبب عدم قيامه بالضم بعد للمناطق (ج) أو أجزاءٍ منها، قال للصحفية «الإسرائيلية» رينا ماتسلياح: «من قال لكِ أننا لن نفعل ذلك، نحن في الطريق، نحن نجري مناقشات مع الإدارة الأميركية. سوف اهتم بأن نسيطر على المنطقة (ج). أنت تسألين عما إذا كنا سننتقل إلى المرحلة القادمة، والجواب هو نعم. أنا سأفرض السيادة». وعلى هذا التصريح، لم تُعقّب أو ترد الإدارة الأميركية.
لقد نطق ديفيد فريدمان، ما تبطنه الإدارة الأميركية.. لكنه نسي التجارب السابقة التي لم تستطع فيها الإدارات الأميركية السابقة تحقيق اختراق جدي على مسار التسوية بين دولة الاحتلال والفلسطينيين عندما تقدمت بالعديد من الأفكار غير المتوازنة والمنحازة، والبعيدة عن الشرعية الدولية، وكان منها «خطة التقريب» التي طرحها جون كيري وزير الخارجية الأميركي السابق في عهد الرئيس باراك أوباما.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
14/06/2019
1931