+ A
A -
تتجه جمهورية الصين الشعبية لتعزيز طموحها المشروع في الامتلاك العالي للتكنولوجيا الرقمية، باتجاه إقامة منطقة (وادي سليكون) جديدة، موازية، بل أكثر عصرنة وتطوراً من منطقة (وادي السليكون) الأميركية، وذلك في سياقات التنافس التكنولوجي المُستعر بينهما، وتحديداً التنافس في ميدان الرقائق الإلكترونية بين البلدين، بما في ذلك مشكلة شركة (هواوي) الصينية للاتصالات، والتي بدت وكأنها تغزو العالم بأسره، وتطمح لأن تُصبح أوّل وأكبر مصنعة للهواتف وأجهزة الاتصالات الــ«ذكية» على وجه المعمورة.
الصين الشعبية، لديها أجندة، وطُمُوح ومخططات بعيدة المدى، وإنْجازات، أعلن عنها الرئيس الصيني (شي بينغ) أكثر من مرة، خطة بناء «منطقة الخليج (الصيني) الكُبْرى»، والهادفة لإنشاء منطقة للصناعات التقنية المتقدمة، في المنطقة الواقعة بين مدن الساحل الجنوبي للصين وجزيرتي (هونغ كونغ) و(ماكاو) اللتين (يتمتّع فيهما الإقليمان بحكم ذاتي)، مما قد يخلق منافسة جدّيّة لمنطقة (سيليكون فالي) في ولاية كاليفورنيا الأميركية. فالصين الشعبية تهدف لتحويل المنطقة إياها إلى مركز عالمي للابتكار التكنولوجي، في تواصل مع مدينة (تشينجن) الصينية المقابلة لجزيرتي (هونغ كونغ) و(ماكاو)، وهي المدينة الحديثة المنشأ، والتي تحتضن شركات التكنولوجيا الكبرى الصينية والآسيوية، وحتى الاستثمارات الأوروبية، وسبق لكاتب السطور أن زار هذه المدينة قبل عقدٍ من الزمن، وشهد واقعها المتطور واليومي، وحجم التوظيفات الهائلة في مجال التكنولوجيا والصناعات المتقدمة للشركات العاملة فيها.
(هونغ كونغ) تلك الجزيرة التي استعادتها الصين الشعبية لسيادتها الوطنية، من بريطانيا سنة 1997 بعد أكثر من قرن ونصف من الاستعمار، ثم استرجعت جزيرة (ماكاو) من البرتغال، ولكنهما تتمتعان بوضع خاص، إذ تُعْتَبَران إقليمين اقتصاديين مستقلين عن نظام الضرائب والجمارك في الصين، وتهدف الصين الشعبية لإدماجهما، تدريجيا، في النظام الاقتصادي الصيني، لذلك إن الطموح الصيني، بات يرى بأن بقاء جزيرة (هونغ كونغ) ومعها جزيرة (ماكاو) كمركز مالي، لم يَعُد يكفي، بل تسعى بكين لتحويلهما من مركز مالي، إلى مركز تكنولوجي تسويقي، والى مركز تجاري عالمي، خاصة وأن المسافة بين مدينة تشينجن وجزيرة (هونغ كونغ)، وجزيرة (ماكاو) لاتعدو سوى أقل من عشرة كيلومترات في البحر عن شاطئ تلك المدينة الصناعية، التي تعتبر الآن من المدن الصناعية والإنتاجية الرئيسية في الصين الشعبية.
إن إنشاء منطقة (وادي سليكون) صينية، يعني فيما يعنيه، أن التنافس الصيني- الأميركي يتسارع باتجاه حتى التصادم التجاري والاقتصادي، وحتى السياسي، لأنه بمثل هذه المشاريع الضخمة التي تجتذب الاستثمارات الأجنبية، وتدر الأموال والأرباح الضخمة، تجعل من جمهورية الصين الشعبية دولة قادرة على إنتاج التكنولوجيا وتطويرها بشكلٍ متسارع، ودعم مراكز البحوث التطبيقية في مجالات اللوجيستيات، وتكنولوجيا الاتصالات، ومكونات السيارات، والتكنولوجيا الرقمية و«الذكية»...الخ. وبالتالي في التخلص من الهيمنة الأميركية على هذا الميدان.
إنها حروب المستقبل، حروب التكنولوجيا، حروب المعلوماتية التي لا يتوقف تطورها اليومي، حروب الفوز بالأرباح الطائلة، فأين نحن منها الآن؟
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
27/05/2019
2332