+ A
A -
ثمة من يقول ان الاتصال الناجح والمثمر الذي أجراه الرئيس الأميركي ترامب مع نظيره الروسي بوتين هو أولى ثمار تقرير المحقق الأميركي روبيرت مولر الذي بيض صفحة الرئيس الأميركي من تهمة التواطؤ مع الروس قبل الانتخابات الأميركية وان الروس اسهموا لذلك في بلوغه البيت الابيض وهزيمة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وانه صار بوسع الرئيس ترامب بعد التحرر من هذا الاتهام غير المنطقي، بل وغير المسبوق، ان يمد جسور علاقات نوعية مع الروس.
ولكن ثمة من يقول ايضا ان اتصال الرئيس ترامب بالرئيس بوتين وتعليقاته الايجابية اثر هذا الاتصال، هو توجه أميركي لاستقطاب التأييد الروسي لواشنطن في صراعها الصامت والوجودي مع الصين، وتعويم الموقف الروسي بعيدا عن بلاد العم ماو، وان الرئيس ترامب يستثمر في هذا الصدد بالانزعاج الروسي غير المعلن عنه من الطموح الصيني القوي والمتمثل في مبادرة الحزام وطريق الحرير التي تعكس نية بكين في تغول استثماري هائل سيضر بنهايته من الاقتصاديات الغربية عموما، ويكرس قدرة بلاد العم ماو على الانتصار في حربها التجارية مع بلاد العم سام، فاتصال الرئيس ترامب بنظيره الروسي بوتين، والذي جاء بعد طول انقطاع للاتصالات بينهما قد جاء اثر استشعار الرئيس ترامب انه لا يجب ان يترك زعيما روسيا والصين يتواعدان على العمل معا لدمج طريق الحرير الجديد والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ذلك لأن الحدود المشتركة العملاقة وضغط الولايات المتحدة لا يتركان لموسكو وبكين خيارا سوى تعزيز التعاون في المجالين الاقتصادي والعسكري - السياسي، وذلك على الرغم من الانزعاج الروسي الصامت من قدرة بكين على التخطيط الاقتصادي والقفز بالاقتصاد الصيني المتنامي عبر بحار دافئة وباردة معا إلى أسواق عديدة حول العالم، وان العملاق الصيني استيقظ من نعاسه الطويل، لان العالم لم يعمل بنصيحة الاسكندر المقدوني الذي كان ينصح العالم بترك هذا العملاق يغط في سبات عميق، وان هذا العملاق لن يرتضي العودة مجددا عن حالة اليقظة هذه، وانه في طريقه لان يصبح قوة اقتصادية وعسكرية هائلة يحسب لها الحسابات في عالم متعدد الاقطاب، ولهذا سنجد ان الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين تم فيه الاتفاق بينهما على رفع حجم التبادل التجاري بين بلديهما
الرئيس ترامب غرد بعد اتصاله ببوتين مبتهجا وقائلا: «أجريت اتصالا هاتفيا جيدا جدا مع الرئيس فلاديمير بوتين، وهناك إمكانية لبناء علاقات جيدة وعظيمة مع روسيا رغم ما تقرؤونه وترونه عبر الإعلام المضلل، انظروا كيف قاموا بتضليلكم بـ «التواطؤ مع روسيا»... يمكن للعالم أن يكون مكانا أفضل وأكثر أمنا»، ما يعني ان مساحات الاتفاق بين الزعيمين تفوق كثيرا مساحات الاختلاف، وان اتصالا هاتفيا بلغ زهاء الساعة تم الاتفاق لابد انه تناول عدة ملفات شائكة اخرى، وان الاتفاق النووي المزمع التباحث لانجازه تاليا بين العمالقة الثلاثة: الولايات المتحدة وروسيا والصين، والذي بادرت بكين إلى رفضه بديلا لمعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الثنائية التي تملصت منها واشنطن هي مواقف من شانها تقريب واشنطن من موسكو على نحو تخطط له واشنطن.
كما ان هذا الاتصال الهاتفي بين الزعيمين ترامب وبوتين ياتي تاليا للقمة الروسية الكورية الشمالية، والتي فوض فيها الزعيم الكوري الشمالي نظيره الرئيس الروسي بنقل كل ما دار في هذه القمة للرئيس ترامب، وهو غالبا ما تم حدوثه بالفعل، ما يعني ان الرئيس ترامب قد قبل بدور روسي في المفاوضات الأميركية الكورية الشمالية، وهو ما قد ينعكس قريبا على الاتصالات قريبا بين واشنطن وبيونج يانج.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
10/05/2019
1462