+ A
A -
لا تكاد عينك تُخفي سيارة من سيارات العطاء والخير، خارجة من بيت من بيوت الريان، حتى تلمحها عند البيت الآخر، تفرغ حمولتها من جميع أصناف المعيشة لذوي الحاجة والأقارب والجيران، حركة دائبة ومستمرة طيلة العام  وبالأخص في شهر رمضان الفضيل، يدُ ممدودة بكل خير ومحبة للجميع، إنها يد الشيخة سارة بنت محمد بن جاسم آل ثاني، والدة الشيخ خالد بن حمد حفظه الله، لا أذكر تكاتفا ومحبة كالذي كان شائعا أيام الشيخة ساره بنت محمد، لا أذكر صدقا وإخلاصا في الوصل والتودد كالذي كان في أيام رمضان في زمن الشيخة سارة بنت محمد،لا أذكر رمضان كان بمثل هذا القرب من اكتمال الإنسانية فيه كرمضانات زمن الشيخة سارة بنت محمد، امرأة يسكنها الإيمان والمحبة والعطاء، رمضان بالنسبة إليها  فرصة لا تعوض، تدرك حجم الإيمان وتعرف حجم الدنيا، تدرك قيمة الدين، وتعرف جيدا طبيعة الأيام وتداولها.
لا يكاد يخلو بيت من بيوت الريان أو الدوحة من علاقة وصل معها بشكل من الأشكال ويزورها الجميع النساء والرجال، حيث تسمع «الحفوه» وهي السؤال عن الحال وعن الصغير والكبير، وتجد الكرامة، والعود الطيب «الدخون»، نجد عندها جميع الطبقات في المجتمع ومن كل المناطق حتى أصبح الداخل للسلام عليها يسلم على الخارج، كنا نحرص دائما على زيارتها والسلام عليها مع الوالد رحمة الله، لقد كانت تسأل عن الضعيف قبل القوي وعن المريض قبل الصحيح وعن المحتاج قبل المكتفي، من عاش رمضان في زمن الشيخة سارة، وهو زمن لأهل قطر جميعا في ذلك الوقت، يدرك الفرق الكبير ليس بين رمضان الأمس واليوم  كشهر للصيام والعبادة، فرمضان واحد في قداسته وفي وجوبه وتميزه عن الأشهر الأخرى، لكن الاختلاف الكبير في طغيان سهم المادة في رمضان اليوم على سهم الإنسان، في ارتفاع مؤشر الدنيا فيه على مؤشر الدين على الرغم كثرة العبادات، في اكتساء الفطرة  في رمضان اليوم بطبقة من سلوكيات ليست بمثل بياض سلوكيات رمضان ساره بنت محمد.. رحم الله زمن الشيخة سارة بنت محمد.. فلقد كان زمنا للإنسان، ورحمها المولى فقد كانت نموذجا  للإنسان الموقن تماما بأن الآخرة خير له من الأولى.
بقلم : عبدالعزيز محمد الخاطر
copy short url   نسخ
16/06/2016
2188